الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۹۸/۱۰/۱۰ چاپ
 

ضبط الذهن على طريق التقرب (المحاضرة6)

اضطراباتنا النفسية هي نتيجة انصراف أذهاننا إلى سوء الظن بالله تعالى.

إن أردتَ الاستمتاع بحياتك بالقدر الكافي فعليك بضبط ذهنك.

لماذا ينبغي للمدير أن يمتلك قابلية ضبط الذهن؟

الذي يمسك بزمام ذهنه تحسن معرفته.

الحكمة من التربية الروحية للصلاة هي ضبط الذهن، لأن "الإقبال" هو أصل حقيقة الصلاة. / تنشأ الكثير من الأمراض من الأفكار السلبية وأنواع الاضطرابات النفسية ذات المنشأ الذهني. / من أكبر الذنوب سوء الظن بالله تعالى وهو ذنب يحصل على مستوى الذهن. / إن لم تسيطر على ذهنك وخطرَت فيه أشياء سيئة ابتلاك الله بهذه الأشياء نفسها. / ضبط اللسان يُعدّ من أهم الطرق لضبط الذهن. / يرتفع المرء بضبط ذهنه إلى أعلى مستويات النجاح. / مع إشاعة التهتك والسفور في المجتمع تهبط قدرة الأفراد على السيطرة على أذهانهم. / على مسؤولي الدولة أن يتسلطوا على أذهانهم وإلا فسوف لا يستطيعون إدارة البلد بشكل صحيح.

  • المكان: حسينية آية الله حقشناس
  • الزمان: 15/09/2018
  • الموضوع: ضبط الذهن على طريق التقرب
  • A4|A5 :pdf

 

  • لو لم يكن الدين سوى منهج لضبط السلوك واقتصر على تقويم تصرّفاتنا لما كان ذا وزن وقيمة كبيرَين، لأنه لا يتناول البُعد الفكري للإنسان، في حين أن معظم وجود الإنسان إنما يتجلى في بُعد فكره وخياله وأحواله الباطنية. فإن من المناهج المهمة التي يوليها الدين اهتمامَه هي قدرتنا على ضبط تصرفاتنا الباطنية والذهنية؛ فنجتنب الحرام هناك، ونقوم بالصالحات هناك.
  • من السيّئ جداً أن لا يتحكّم المرء بتصرّفاته؛ كأن لا يسيطر على سلوك بصره، أو لا يضبط حركات يديه ورجليه، فشخص كهذا مريض في واقع الأمر! وإنّ لضبط الذهن نفس هذه الأهمية، بل وأكثر! فالقوة التي تساعد على ضبط الذهن هي قوة في منتهى العظمة، وإذا امتلك الإنسان القدرة على عدم السماح لذهنه بالتوجّه إلى أي مكان فهذه حالة عظيمة في الإنسان. والإسلام لم يقف من هذا الموضوع موقف اللامبالي. ليس هذا فحسب، بل وجعل أهم هدف لمنهجه التربوي، أي "الصلاة"، هو ضبط الذهن.
  • الحكمة من التربية الروحية للصلاة هي ضبط الذهن، لأن "الإقبال" هو أصل حقيقة الصلاة. فالذي يهمّ الدين فينا هو إقبالُنا، ولذا فقد أعدّ له منهجاً من خمس حصص في اليوم (الصلاة)، في حين أنه لا يوجد لأكثر الواجبات الأخرى، كالخُمس والزكاة، منهج يومي. يقول رب العزة: «أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي» (طه/14)؛ أي من أجل ذكري! وعن الإمام الباقر(ع): «إِذَا قُمْتَ فِي الصَّلاةِ فَعَلَيْكَ‏ بِالإِقْبَالِ‏ عَلَى‏ صَلَاتِكَ‏ فَإِنَّمَا يُحْسَبُ لَكَ مِنْهَا مَا أَقْبَلْتَ عَلَيْه» (الكافي/ ج3/ ص299)، والإقبال هو تحديداً ضبط الذهن.
  • تظهر آثار ضبط الذهن على حياة الإنسان كلها؛ فمن ناحية إذا أردتَ الاستمتاع بحياتك بالقدر الكافي فعليك بضبط ذهنك. فإن لم تَرِد إلى ذهنك غير الأفكار الجيدة فأول آثار هذا هو الاشتياق؛ فمَن يكون فكرُه غارقاً في الجمالات المعنوية يكون مفعماً بالاشتياق والحماس! ومن ناحية أخرى فإن الكثير من أمراضنا تأتي من الأفكار السلبية وأنواع الاضطرابات النفسية ذات المنشأ الذهني. وحتى وسواس إبليس فإن أغلبه في الذهن، كما أن تديّننا وروحانياتنا هي الأخرى في الذهن.
  • إن من أسوأ الذنوب هو "سوء الظن بالله تعالى". أتعلم كم مرة نرتكب هذا الذنب في اليوم؟ فما اضطراباتنا النفسية وما مخاوفنا وهواجسنا إلا بسبب هذا الذهن إذا انصرفَ إلى سوء الظن بالله. وأطيب فاكهة في عالم الوجود هي أن لا يرِدَ سوءُ الظن بالله إلى أذهاننا لحظة واحدة؛ فلا نظن لحظة أننا في عزلة، وأنّ الله قد تركنا، أو أنه لا يحبنا إلا قليلاً!"
  • يقول آية الله حقشناس(ره): "إن الله تبارك وتعالى يُرِي نفسَه لعباده دائماً. فإنْ أقبَلتَ على الله مَحَى لك سائرَ خواطر ذهنك". على أن الإمام الخميني(ره) فقط هو الذي تَمَّحي من ذهنه جميع الخواطر، ويكون بكل كيانه في حضور ومحضر رب الأرباب. أما باقي الناس فتضعف خواطر أذهانهم وقلوبهم بهذا (ولا تمّحي جميعاً).
  • ورَدَ في الحديث أنه إذا وقف العبد للصلاة وقال: "الله أكبر" دون أن يكون مُقبلاً على الله: «فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا اطَّلَعَ عَلَى قَلْبِ الْعَبْدِ وَهُوَ يُكَبِّرُ وَفِي قَلْبِهِ عَارِضٌ عَنْ حَقِيقَةِ تَكْبِيرِه‏» قال له عزّ وجلّ: «يَا كَاذِبُ‏! أَتَخْدَعُنِي؟!» (مستدرك الوسائل/ ج4/ ص96)، لماذا لستَ مُقبلاً بذهنك إلَيَّ؟! وعن الإمام الباقر(ع) أنه لا تنال من صلاتك إلا المقدار الذي تُقبِل فيه على الله: «إِنَّمَا لَكَ مِنْ صَلاتِكَ مَا أَقْبَلْتَ عَلَيْهِ مِنْهَا فَإِنْ‏ أَوْهَمَهَا كُلَّهَا أَوْ غَفَلَ‏ عَنْ أَدَائِهَا لُفَّتْ فَضُرِبَ بِهَا وَجْهُ صَاحِبِهَا» (الكافي/ ج3/ ص363).
  • يتعامل الله مع عملية ضبطنا للذهن بحساسية! فإن لم تتسلّط على ذهنك ووردَت عليه أمور سيئة ابتلاك الله بهذه الأمور نفسها. وكان رسول الله(ص) يقول: «مَنْ‏ أَسَرَّ سَرِيرَةً أَلْبَسَهُ‏ اللهُ رِدَاءَهَا، إِنْ خَيْراً فَخَيْرٌ وَإِنْ شَرّاً فَشَرٌّ» (الكافي/ ج2/ ص296).
  • اللهم أَزِل عن أذهاننا كل خاطرةِ سوء، وهَبْنا القدرة على ضبط أذهاننا كي نتمتع بمواهب الحياة والعبودية، ولا نُبتلى بألوان الخسران المعنوي والمادي.
  • القدرة على ضبط الذهن قضية جوهرية في حياة الإنسان. فما الذي نطلبه ولا نجده في قابلية ضبط الذهن؟ اللذة، الثروة، السلطة؟ أي هذه الأشياء لا يرتبط بالقدرة على السيطرة على الذهن؟! إن المرء ليرتفع بضبط ذهنه إلى أعلى مستويات النجاح.
  • لماذا يعمل أناس كالصهاينة - وهم الذين يسعون إلى استعباد البشر - على إشاعة التهتك والسفور في المجتمعات؟ لأنه بانتشار التهتك والتحلل تهبط قابلية الناس في السيطرة على أذهانهم ويضعفون. أما الدين فقد وجّه اهتمامَه وخصّص أهم مناهجه من أجل التسلط على الذهن. وهو وإن قدّم التعاليم لباقي نواحي الحياة أيضاً لكنها هي الأخرى تخدم ضبط الذهن.
  • ضبط اللسان يُعدّ من أهم الطرق لضبط الذهن. فالتكلم أسهل الأفعال؛ إذ ما إن يخطر في ذهن المرء شيء حتى يستطيع أن يُجريه مباشرةً على لسانه ويُفصح عن سريرته. من هنا فإنك إن تسلّطتَ على لسانك تكون – في الحقيقة – قد ضبَطتَ ذهنَك، وكأنّك لجَمتَه بلجام!
  • المُمسكون بزمام أذهانهم يرتقون في المعرفة، وإن على المدير والمسؤول أن يمتلك هذه الخصيصة، لأن الإدارة تبدأ من ذهن الإنسان؛ إذ على المدير أن يصيب النظر، ويمُدّ بصرَه إلى الأفق، ويستشرف عواقب الأمور ونتائجها، ففي الحديث: «أَعْقَلُ‏ النَّاسِ‏ أَنْظَرُهُمْ‏ فِي الْعَوَاقِب‏» (غرر الحكم/3367)، وإنّ عليه أن يدرس أبعاد الموضوع، ثم يقرر - في اللحظة المناسبة - أن عليه الآن فعل كذا وكذا.
  • على مسؤولي الدولة أن يكونوا من ذوي التسلط على الذهن وإلا فسوف لا يستطيعون إدارة البلد بشكل صحيح. فينبغي لهم أن "يُصلّوا بحضور قلب"، لأن الصلاة أفضل تمرين لضبط الذهن، والإدارة تحتاج لمثل هذا. إذن فعلى المسؤول والمدير أن يُحسِن صلاتَه كي تَحسُن إدارتُه، فمن المستحيل لمَن يُحسن صلاتَه أن يُخدَع؟!
  • لو امتلك مسؤولونا ما يكفي من القدرات الذهنية لزالَ الجزء الأعظم من مشاكل البلاد. فالإدارة والمسؤولية تحتاج إلى قدرات ذهنية عالية، وعلى من يتولّاها أن يحتاط مما يصله من المشورة، سيّما مسؤولينا الذين تسعى شياطين الإنس والجن جاهدةً لإفساد أذهانهم. فلماذا يتوخّى الطيارون كل هذه الدقة؟ لأن عملهم في منتهى الحساسية، وهذا هو حال مسؤولي البلاد فإنهم بحاجة إلى جانب عظيم من تحرّي الدقة والتسلّط على الذهن لأنّ إجراءً واحداً غير مدروس من قبلهم من شأنه أن يضرّ بالملايين من أفراد الشعب.
  • وقد يقول هنا قائل: "الغربيون لا يُصلّون فكيف إذن تطوّروا كل هذا التطور؟!" والمشكلة هي أن أمثال هؤلاء يرون – حقيقةً – أن الغربيين متطورون وأقوياء، ويظنون أنهم يتقنون الإدارة أيما إتقان! ثم حتى هذه القوة والتطور الظاهريَّين فإنهم لم يكسبوهما إلا عبر نهب البلاد وقتل الأبرياء. فلو سلبتَ من الدول الأوربية وأمريكا مستعمراتِها الرسمية وغير الرسمية لبادَت في غضون شهر واحد! فلا يتمتع بلدٌ بنهوض علمي حقيقي إلا إذا عمل على تنمية عقوله هو والإفادة منها، لا أن يسرق عقول البلدان الأخرى ويشتريها بالمال الذي جناه بالنهب والجريمة.
  • أكثر مناطق العالم حساسية لأمريكا هي منطقة الشرق الأوسط التي تزداد كل يوم خروجاً من يد أمريكا على رغم كل ما ارتكبته الأخيرة وعملاؤها فيها من جرائم! فهل لنا، والحال هذه، أن نقول: "أمريكا تمتلك قدرة التخطيط!" انظروا إلى حماقة مسؤولي الإدارة الأمريكية إذ خططوا منذ عشر سنوات لأن تنهار المنطقة من الداخل؛ وكانوا في البدء فرحين بأنهم أشعلوا حرباً طائفية بين الشيعة والسنة، ففطنوا فيما بعد إلى أن أضخم جيش عالمي إقليمي قد تأسس في المنطقة بواسطة قوى جبهة المقاومة، والآن هم يقفون حائرين كيف يندبون بختهم التعيس!
  • إننا أقوياء.. فمع كل هذا الحصار والعداء، ورغم أننا عاجزون عن بيع نفطنا بالشكل المناسب فهذه أربعون سنة انقضت ونحن نقف على أرجلنا. أربعون سنة وهم يرتكبون في حقنا المجازر لكننا نغدو في كل يوم أقوى من سابقه.
  • الأمريكيون لا يتقنون إدارة بلدهم، ولا يُحسنون إدارة العالم، بل ولا يعرفون كيف يُمعِنون في عداوة غيرهم! الضربات التي نتلقّاها نحن هي من عند أنفسنا، والمشاكل التي نعانيها هي جراء ضعف أدائنا، لا بسبب قوة العدو!

تعليق