الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۹۹/۰۳/۱۷ چاپ
 

ما هو الذنب؟.. كيف تكون التوبة؟(المحاضرة16)

مقيّدات الدنيا تقودنا نحو "نقطة خلاص"/ يطلب الإنسان "الراحة المطلقة"، إذاً لا بد من موضع تُلبّى له فيه هذه الحاجة!/ نقطة خلاص الإنسان من المقيّدات تكون في "الآخرة" لا في الدنيا!

  • المكان: طهران، مسجد الإمام الصادق(ع)
  • الزمان: 21/أيار/2019 ـ 15/رمضان/1440
  • الموضوع: ماهو الذنب؟.. كيف تكون التوبة؟
  • A4|A5 :pdf

إن إحدى دعائم المعنويات وتقبّل الدين والاقتناع بترك المعصية هي أن نرى عالم الآخرة ونشتاق إليه. أتدري متى يصبح الذنب للإنسان مُرّاً؟ عندما يُفرحُه التفكير "بعالَم الآخرة الحُلو"! حينذاك ستتألم أنت كثيراً إذا أذنبت وتخاطب ربك: "إلهي، نَجّني من ذنبي هذا، إنني أتألم..."

طبيعة قيود الدنيا هي أنها تقودنا إلى "نقطة خلاص"

  • موضوع بحثنا إلى هذه اللحظة ارتبط أكثر ما ارتبط "بممهدات التديّن" وما زال غير ديني. الكثير من الممهدات الضرورية للتدين (والتي أحصينا خمسة نماذج منها) تدل، كل واحدة بحسبها، على قيود. على سبيل المثال الدنيا والبيئة المحيطة بنا مليئة بالآلام والمآسي التي لا تتيح للإنسان نيل ما يحب بسهولة. وإنْ ركّزنا في هذه القيود نجد وكأنها قد أحاطتنا من جهات بسياج وهي تسوقنا إلى جهة معينة؛ جهة تمثّل نقطة خلاص حيث لا تعود ثمة قيود.
  • لا يحاصر اللهُ عزّ وجل الإنسانَ بقيود جمة بحيث يرى الإنسان نفسَه حبيسَ دائرة موصَدة لا مجال أمامه للفرار والخلاص والتكامل. فالله تعالى يحُدّ مواضع خاصة ثم يفتح باباً، وهذ الباب إذا انفتح أمام الإنسان نظر الأخير إليه على أنه نقطة خلاص ومجال للتحليق.
  • تفرض علينا الدنيا مشاقَّ كثيرة ولطالما قدّم القرآن الكريم لنا توضيحاً حول هذه المشاق. لكنه ثمة إلى جوار كل هذه المقيدات نقطة خلاص في وسع خيالنا التركيز عليها، وهذا يذكّرنا بما روي عن أمير المؤمنين(ع) من ضرورة أن تنظر إلى عالم الآخرة وإلى مكامن جماله وعظمته ببصر قلبك: «فَلَوْ رَمَيْتَ‏ بِبَصَرِ قَلْبِكَ‏ نَحْوَ مَا يُوصَفُ‏ لَكَ‏ مِنْهَا [الآخرة]...» (نهج البلاغة/ الخطبة 165).

إننا حقّاً لا نملك نقطة خلاص من القيود في الدنيا!

  • يحاول الكثيرون أن يخلقوا لأنفسهم وللآخرين في عالم الدنيا وهماً ساذجاً، أو في الحقيقة "وهمَ خلاص"؛ فيُظهرون في بعض الأفلام، على سبيل المثال، أن بطل الفيلم قد بلغ في نهاية المطاف مُناه وانحلّتْ معضلاته جميعاً، فينفَضّ جميع المشاهدين عند نهاية الفيلم مسرورين! في حين أننا حقّاً لا نملك في الدنيا نقطة خلاص.
  • الموضع الوحيد الذي يسعنا – في المرحلة الأولى – التفكير فيه كمنفذ للخلاص هو وجود رب العالمين ولقائه هو نفسه، أما في عالم الدنيا فمهما نظرنا من حولنا نجد الصراعات والمشاق، وهي مشاق لا ينبغي لنا إنكارها، بل علينا القبول بوجودها، وإلا أصابنا التعب والاكتئاب. ويجب أن نقارع هذه الصعاب، فإننا إن قارعناها قوينا، وإن لم نقارعها ضعفنا أكثر. كما يتعين علينا الاجتهاد في إزالة هذه الصعاب، لكن ليكن في علمنا أيضاً منذ البداية أننا سنفلح في إزالة بعض هذه المصاعب والقيود وحسب، لا كلها.
  • ألا يوجد أمام هذا الإنسان، وهو طالبُ خلاص، مجالٌ للخلاص مع كل هذه القيود؟ أيتوجَّب عليه القعود هكذا متخبّطاً في أخيلته الساذجة دائمَ الغوص في أوهامه؟ كأن يتوهّم أنه: "يا ليت لدينا مصباحاً سحريّاً يخرج منه مارد يقوم على خدمتنا ويحل مشاكلنا!"

نقطة خلاص الإنسان من المقيدات تكون في "الآخرة" لا في الدنيا!

  • عندما نقول: "ليس للإنسان في الحياة الدنيا منفذ للخلاص، ولا محلٌّ للخيالات غير الواهمة، ولا مرتع ينال فيه ما يصبو إليه فؤاده" فمن الطبيعي أن يكون إذعان الإنسان لهذا الواقع مثارَ أسىً كبير. ومن ناحية أخرى، إنْ كان ثمة له نقطة خلاص كهذه حقّاً فإنها – ومن دون مجاملة – تكون في الآخرة!
  • فعالَمُ الآخرة عالَمٌ يُطلَق فيه سراح الإنسان ويتحقق له فيه ما يتمنّى: «وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ» (الزخرف/71). فالإنسان الطالب للخلاص والواهم يفتش عن حياة مثالية منزوعة الآلام محفوفة باللذات المتميّزة والنجاحات المتوالية الممتعة (لا النجاحات المملة)! لكنّ مأساة الدنيا هي أنه ما من نجاح تحقّقُه أو لذة تجنيها فيها إلا ويتلوه إحباط وألم. وماذا عن عالم الآخرة؟ هناك ينال الإنسان حقّاً كل ما يشتهي ثم لا يُحبَط بعد ذلك.

ما دام الإنسان يطلب "الراحة المطلقة" فلا بد من موضع تُلبَّى له فيه هذه الحاجة!

  • يقول الإمام الخميني(ره): "من فِطَر الله التي فطَرَ عليها الأُسرة البشرية قاطبة وسلالات الناس كافة هي فطرة حب الراحة" (شرح چهل حدیث «شرح الأربعين حديثاً»/ ص186). فحب الراحة صفة فطرية في الإنسان لم يتعلمها من أحد، ولا يتخلّى عنها بسهولة أيضاً.
  • ثم يقول(ره): "ولمّا كان العثور على محبوب بني البشر هذا (الراحة المطلقة) في هذا العالم متعذّر إذاً لا بد – في دار التحقق وعالم الوجود – من عالَم لا تكون فيه الراحة مشوبة بالآلام والمتاعب" (المصدر نفسه)؛ أي: بما إن الإنسان طالب للراحة المطلقة فلا بد من وجود موضعٍ يلبّي حاجة الإنسان هذه! طريقة استدلال الإمام الراحل(ره) هي التالي: "أيها الإنسان، ما دمتَ تهوى شيئاً فهناك مكانٌ ما يُلبّي لك هذه الطلب!"
  • وهنا يسوق الإمام(ره) للمعاد برهاناً فطرياً فيقول: بما أنني طالب للراحة المطلقة فلا بد من وجود ما يلبّي طلبي هذا. فالشخص الذي يدّعي عدم وجود ما يشبع طلبه للراحة المطلقة يكون حزيناً كئيباً، أما الذي يقول بوجود ما يلبّيه فيكون إنساناً مؤمِّلاً، إيجابياً، ثاقبَ البصر، متقدّماً، في طور الازدهار. كم يشقى الإنسان عندما يكذب على نفسه ويُنكر ذاته! والإنسان الكافر أيضاً ينكر في البداية ذاته.
  • كم  هو جميل أن نتكلم عن المعاد «بأدبيات إنسانية»! فحينما أراد الإمام الراحل(ره) هنا سوقَ دليل على المعاد لم يقل: بما أن القرآن يقول بوجود الآخرة، فهي موجودة حتماً! بل قال: الإنسان طالب للراحة المطلقة ومن المستحيل أن لا يوجد ما يلبّي طلبه هذا!

المعاد قضية إنسانية وليس قضية دينية بحتة!

  • المعاد قضية إنسانية وليس قضية دينية بحتة! مثلما أن "الموت" ليس مقولة دينية؛ بمعنى أن الموت يحل بالناس حتى لو لم يكن ثمة دين! كما أن الرأفة وعدم الظلم قضيتان إنسانيتان. فالظلم قبيح حتى من دون الدين، وهذا أمر يدركه الناس جميعاً.
  • اللطيف هو أننا جميعاً نحمل في المعاد رأياً إيجابياً، إذ لا يسعنا تخيُّل أن الإنسان يفنى. فإنني، كإنسان، أريد عالم الآخرة. إذاً هي قضية إنسانية، يدل عليها العقل أيضاً، بل وتدل عليها كذلك فطرة الإنسان وانجذابه الروحي.
  • يقول صدر المتألّهين في كتاب "الأسفار": "فكونُ النفوس [أرواح البشر] مجبولةً على طلب البقاء ومحبّة الدوام دليلٌ على أنّ لها وجوداً أُخرويّاً باقياً أبدَ الدهر وذلك لأنّ بقاءها في هذه النشأة الطبيعية أمرٌ مستحيل!‏" (الحكمة المتعالية فى الأسفار العقلية الأربعة/ ج9/ ص241). فكون الناس لا يريدون الفناء ويحبون أن يبقوا إلى الأبد هو دليل على أننا لا نفنى وأنه ثمة عالَم آخر سنُخَلَّد فيه! وهذا دليل فلسفي لا ديني!
  • ثم يتابع: "...لأن بقاءها في هذه النشأة الطبيعية أمر مستحيل. فلو لم يكن لها نشأة أُخرى باقية تنتقل إليها لكان ما ارتكزَ في النفس وأُودِع في جبلتها من محبة البقاء السرمدي والحياة الأبدية باطلاً ضائعاً" (المصدر نفسه). كما أن بعض الكفار يحملون الفَهْم ذاته فيقولون للشخص: "لا ينبغي أن تكون طالبَ خلود! لماذا تطلب الخلود؟! اقبَل بحقيقة أنك تموت وتفنى!" أي إنهم يحاولون فرض هذه الفكرة على الإنسان غير أنه لا يقنع بهذا!

يجب أن نؤمن بالمعاد قبل قبول الدين/ كيف ينبغي أن يكون تصوّرنا عن عالم الآخرة؟

  • إننا بحاجة إلى أن نتصوّر عالم الآخرة عالَماً جميلاً، حُرّاً، خالداً، لا نهاية له. ثم بعد هذا التصوّر، وحين نبدأ بحب عالم الآخرة، ندخل دائرة التدين، ليطرحوا علينا في الدين مسألة الحساب في الآخرة فنقول: "يا ليت حسابَ الآخرة لم يكن، إذ كنا سندخل تلك الحياة اللامتناهية بكل سهولة! فلولا هذا الحساب لكان عالم الآخرة غاية في الروعة". أي لا ينبغي أن تتخلّى عن حلاوة عالَم الآخرة وروعته، بل أن تضعها نُصب عينك وتقول: "فماذا أصنع بصعوبات الموت ومشاق حساب الآخرة؟" هكذا يجب أن يكون شعور المرء، لا بد أن يشتاق إلى عالم الآخرة، لا أن يخاف الذهاب إليه تماماً!
  • للقبول بالدين علينا أولاً أن نؤمن بالمعاد، بل أن نؤمن به على اعتباره مقولة إنسانية. فالبعض يتصور "المعادَ قضية دينية محضة وأنه من أطروحات علماء الدين!" فيتخذ وِضْعَةً خاصة قائلاً: "لا أريد أن أعيش متديناً!" حسنٌ، ماذا تريد أن تصنع بنفسك إذاً؟ إذاً متى ستبتغي النشاط والحيوية؟
  • اسألْ أي شخص: أيهما يُفرِحك أكثر أن "تفنى بعد الموت" أم أن "تبقى بعده"؟ من الطبيعي أنه سيجيبك: بقائي بعد الموت يفرحني أكثر. إذاً هذا الأمر يمنح الإنسان حيوية.
  • عرَض التلفزيون قبل مدة فيلماً وثائقياً من إنتاج غربي عن "تجربة الموت" يتحدث فيه أشخاص عن تجربةِ موتٍ عاشوها بأنفسهم ثم عادوا إلى الدنيا (على أن الإيرانيين أضافوا إليه مقاطع يتحدث فيها إيرانيون عن تجارب مشابهة حصلت معهم). القاسم المشترك عند أغلب هؤلاء لوصف اللحظات الأولى للموت هو أنه ضَربٌ من التحرُّر، الانفتاح، النورانية، الارتفاع إلى الأعلى. لا أريد القول بأنهم كانوا أشخاصاً صالحين أو سيئين، لكن الواحد منهم كان يقول: "لقد صعدتُ إلى الأعلى، لقد تحرّرت، حصلتْ حالةٌ من الخلاص!" أي إنهم تحدّثوا عن ذلك العالَم بتعابير إيجابية جميلة.

كيف ننظر إلى المعاد؟/ أهمّ أوصاف القرآن الكريم للمعاد ترتبط بـ"خلود الإنسان"

  • إحدى مقدمات التدين هي الإيمان بالمعاد. لكن كيف نؤمن بالمعاد؟ وبأي طريقة ننظر إليه؟ هي أن نرى كيفية تعاطي الله سبحانه وتعالى مع المعاد في القرآن الكريم. أهم صفة ذكرها الله عز وجل للمعاد وعالم الآخرة، والتي ساقها في القرآن بأكبَر نسبةِ تكرار، بل وكرّرها في مواطن حساسة، هي صفة "خلود الإنسان"!
  • لقد تكرر في القرآن الكريم الكلام عن الخلود حوالي ثمانين مرة. على أنه استخدم له أحياناً تعابير أخرى، لكن الكلمات المشتقة من جذر "خلد" تكررت ثمانين مرة!
  • على سبيل المثال حينما يريد القرآن التعبير بأن "الملائكة تسلّم على الداخلين إلى الجنة" فإنه يذكُر سلام الملائكة بالتعابير التالية: «ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُود» (ق/34)؛ أي: إنك قد أصبحتَ اليوم خالداً! ويقول في آية أخرى: «وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ» (الزمر/73). انظر مدى تعلّق الإنسان بالخلود إلى درجة أن الله سبحانه يأمر ملائكته عند باب الجنة بأن يخاطبوا أهلها بهذه الكلمة.

كان "الخلود" مُهمّاً لآدم(ع) حتى في الجنة

  • نحن معاشر البشر مخلوقات تطلب الخلود، وهذا ما يشاهَد في قصة نبي الله آدم(ع) إذ أن إبليس حين أراد خداعه قال له: أتريد أن تكون خالداً؟ «يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْد» (طه/120). فهَمُّ الخلود هذا لا يَذَر آدمَ(ع) وشأنه حتى في الجنة، وإنّ التساؤلَ: "هل نحن خالدين؟" تساؤل مُهِمّ جدّاً بالنسبة له.
  • أعظم ما يخيف الإنسان الموت وأكبر بلية تنزل به "فقدان الأمن". لكن، ما بالنا نحن معاشر البشر لا نحب الموت؟ إنه بسبب الميل إلى الخلود! إذاً تعالوا نُنَمّي هذا الميل في نفوسنا، فإنه ثمة حقّاً ما يُلبّي هذا الميل إلى الخلود فينا، وهذا سيكون في عالم الآخرة؛ بل إن طبعنا قد صُمِّم للآخرة ولم يُصمَّم للدنيا.
  • الإنسان من دون الجنة مهموم وهو دائماً بحاجة إلى تذكيره بها. على الإنسان دوماً أن يرى هذا العالم الفسيح أمام عينيه. وإنْ رغِبتَ في التأهّب للتديّن فلا بد أن تضع هذا العالم في حسبانك؛ بجنته وناره!

تعالوا نتفكّر في عالم الآخرة بدافع الميل إلى الخلود والراحة المطلقة

  • تعالوا نتفكّر في عالم الآخرة، ولو بمعزل عن الدين! فلنتفكر فيه بدافع الميل إلى الخلود، بباعث حب الراحة المطلقة، بحافز الرغبة في عالم حر بالمعنى الحرفي للكلمة، عالَم لا أشعر فيه بالسأم، عالَم مجرّد من خصائص هذه الدنيا الدَنِيّة.
  • ما أجمل أن ننغمس في عالم الآخرة وروائعه! وهذا ما يصنعه القرآن الكريم معنا. لاحِظ مثلاً ما أجمل وصفَ عالمِ الآخرة في سورة الواقعة! يقول علماء النفس: آخر موضوع تفكّر فيه قبل الإيواء إلى الفراش يترك جسدَك وروحَك تحت وطأة تأثيره حتى الصباح، بل إنك ستظل خاضعاً لتأثير هذه الفكرة طيلة نهار الغد أيضاً. ثم - من جانب - نلاحظ أننا أُوصينا بقراءة سورة الواقعة قبل النوم! إنك بقراءة هذه السورة ستفكر في الجنة ضعفين، وفي النار قليلاً، وفي الموت بعض الشيء.
  • الحق أن الجنة التي جاء وصفها في سورة الواقعة لفي منتهى الروعة. ومن الطبيعي أنّ الإنسان الذي يفكر في عالم الآخرة كل ليلة قبل أن ينام سيكبُر ويتعاظَم وستحصل له أمور أخرى حسَنة. أولياء الله هم الآخرون كانوا جميعاً مشغولين بقضية الموت والآخرة وكانت مواقفهم تجاه الآخرة مواقف في غاية الشفافية والوضوح. فلقد كانت الآخرة عندهم من العظمة ما جعل أمير المؤمنين(ع) يقول فيما يروى عنه: «غَضَّ أَبْصَارَهُمْ ذِكْرُ الْمَرْجِع» (نهج البلاغة/ الخطبة 32)؛ أي إن ذكر الآخرة أعماهُم عن هذه الدنيا.

متى يصبح الذنب للإنسان مُرّاً؟ عندما يُفرحُه التفكير "بعالَم الآخرة الحُلو"!

  • إن إحدى دعائم المعنويات وتقبّل الدين والاقتناع بترك المعصية هي أن نرى عالَم الآخرة ونشتاق إليه. أتدري متى يؤرّقُ الذنبُ صاحبَه ويصبح مذاقُه عنده مُرّاً؟ عندما يُفرحُه التفكير "بعالَم الآخرة الحُلو"! حينذاك ستتألم أنت كثيراً إذا أذنبتَ وتُخاطب ربك: "إلهي، نَجّني من ذنبي هذا، إنني أتألّم...".
  • كما قد سلف منّا القول فإن على المرء، من أجل قبول التدين وترك الخطيئة، أن يوجِد في شخصيته خمسة عناصر: وهي أن يكون مُبَرمِجاً لحياته، وممن يطالب بمنفعته بالحد الأقصى، وأن يكون من أصحاب التسابق، وممن يتقبّل قيود الحياة الدنيا. كل هذه أسس وتمهيدات من أجل يصل المرءُ مستوى النفور من شيء اسمه "المعصية"، بل أن يصير للمعصية عنده معنىً.
  • فإن تبلورتْ دعائم الشخصية هذه في الإنسان فإنه سيصل مرحلة يصبح "الذنب" محور مغازلته لله عز وجل؛ وذلك بأن يراقب نفسه طيلة نهاره لئلا يذنب، ويبقى طول ليله يناجي ربه معتذراً مستغفراً؛ أي الحالُ ذاتها التي كان عليها أولياء الله. وهذه المراقبة تدعى "التقوى".

تعليق