الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۹۹/۰۵/۰۴ چاپ
 

ضبط الذهن على طريق التقرب (المحاضرة11)

على الإنسان أن يخصص جزءاً من حياته للتفكّر في الله تعالى
«مَنْ‏ عَمَرَ قَلْبَهُ‏ بِدَوَامِ‏ الذِّكْرِ حَسُنَتْ‏ أَفْعَالُهُ فِي السِّرِّ وَالْجَهْر»
الالتفات إلى الرَبّ الذي لا نراه صعب لكن الالتفات إلى "رحمته" يسهّل ذلك

كيف نكتسب قدرةَ "دوام الالتفات إلى الله"؟ نكتسبها بالنظر إلى رحمته تعالى!/ الالتفات إلى رحمة الله هو بالنسبة إلينا حاجة!

  • المكان: حسينية آية الله حقشناس
  • الزمان: 21/09/2018
  • الموضوع: ضبط الذهن على طريق التقرب
  • A4|A5 :pdf

 

  • إنّ القدرة على ضبط أذهاننا في المسائل المعنوية هي من أكثر احتياجاتنا ضرورة، بل – على حد قول الإمام الخميني(ره) – أول شروط النضج المعنوي (چهل حدیث (الأربعون حديثاً)/ ص16). الله عز وجل موجود خلف حجاب الغيب. فإن كان من المفترض أن لا ننظر إلا إلى الأمور الظاهرية التي تستقطب اهتمامنا فإننا لن نذكر الله على الإطلاق. وإن ذكرناه، كان ذكرُنا له أشبه بشهاب يظهر، ويُشِعّ في السماء لحظة، ويختفي.
     
  • الالتفات إلى الله تبارك وتعالى، بالنسبة إلينا نحن الذين لا نراه، أمرٌ في غاية الصعوبة؛ ذلك أنّ عذابَه وثوابَه ليسا آنيَّين، ولهذا تسهُل الغفلة عنه. الكثير ممن اقترفوا يوم عاشوراء أفدح الجرائم في تاريخ البشرية بقوا أحياء مدة من الزمن، مع أننا قد نتوقّع أن يَبيدوا في يوم عاشوراء عصراً! إذاً من الممكن أن يُتَجاهَل اللهُ لأنه عز وجل لا يَعجَل في ردود أفعاله.
     
  • إذا امتلكَ المرءُ القدرة على ضبط ذهنه استطاع أن يلتفت دائماً إلى الله ويذكُره على نحو موصول. إنّ على الإنسان أن يفكر بعمق كي يلتفت إلى الله عزّ وجلّ، والتفكّر هو أحد طرق السيطرة على الذهن. كما يتوجّب عليه أن يخصص جزءاً من حياته في التفكّر في الله تعالى: «سَاعَةٌ يَتَفَكَّرُ فِي مَا صَنَعَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْه‏» (الخصال/ ج2/ ص525).
     
  • يزداد اللهُ غياباً بالنسبة إلى غير الملتفت إليه. وإنه ليتحتّم علينا أن نفتّش عن الله تفتيشاً، وأن نلتفت إليه. وإنك إن التفتَّ إلى الله مدة من الزمن لخرجَ سبحانه وتعالى عن غيابه وكشفَ لك عن أحوال العالم. فإنّ مَن يعمُر قلبه بالالتفات الطويل الأمد إلى الله في سره وعلانيته تحسُن تصرّفاتُه: «مَنْ‏ عَمَرَ قَلْبَهُ‏ بِدَوَامِ‏ الذِّكْرِ حَسُنَتْ‏ أَفْعَالُهُ فِي السِّرِّ وَالْجَهْر» (غرر الحكم/ ص644).
     
  • الالتفات إلى قدرة الله يصيّر الإنسان خائفاً، لكن التفكير في قدرة الله صعبٌ قليلاً علينا نحن البشر. وإنّ خفاء قدرة الله تعالى يجعل الإنسان صَلِفاً من ناحية، ويُورثه الشعورَ بأنه مُشرَّد لا مأوى له من ناحية أخرى. ومن شأن هذين الأمرين أن يحطّمانه.
     
  • إلى أيّ اسمٍ من أسماء الله تعالى إذا نظرنا اكتَسبنا القدرة على دوام ذكرِ غيبِ الغيوب هذا (أي الله تبارك وتعالى)؟ إنها "رحمانية الله"؛ ذلك أن الرحمة فيها عذوبة للإنسان، وتُلائِم طبعَه، وهي – من هذه الجهة – تختلف كل الاختلاف عن قدرة الله عزّ وجلّ. هذا ناهيك عن أن الله يحب أن ننظر إلى رحمته ورأفته.
     
  • لقد أُوصِينا بأن نستهل كل عمل نقوم به بـ«بسم الله الرحمن الرحيم». والأعجب من التأكيد على تكرار البسملة هو تأكيد هذه الآية على رحمة الله تعالى؛ إذ أنه في هذه الجملة الواحدة يتم تذكيرنا مرتين برحمة الله تبارك وتعالى، فيقال لنا: "الله رحمن، ورحيم في الوقت ذاته". والقرآن يبدأ بهذا الذكر النوارني. وفي سورة الحمد، التي تقرؤها لكل حاجة من حوائجك، يكرر الله سبحانه وتعالى في آيتها الثالثة عبارة: «الرَّحْمٰنِ الرَّحِيم». فإننا حقّاً بحاجة إلى الالتفات إلى رحمة الله عزّ وجلّ.
     
  • فإن قال أحد: "لا يسعني أن أذكر الله، لأن أسباب الغفلة في الدنيا كثيرة" نقول له: "ألا يسعك الالتفات حتى إلى رحمة الله؟! إنك بحاجة إلى رحمته ورأفته في كل لحظة!" صحيح أنّ ذِكْرَ مفهومٍ مثل "الموت" يَجلو القلب أيما جلاء، لكنّ التأكيد الأكبر ورد في النظر إلى رحمة الله تعالى. فإن رغب امرؤ في التمرّن على القدرة على ضبط الذهن والتفكّر في الله مدة طويلة، فلينظر إلى رحمته عزّ وجلّ، فهذا سهل يسير.
     
  • وإننا لنَشقى إن لم نذكر رأفة الله ورحمته؛ وذلك قوله تعالى: «وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرينٌ» (الزخرف/36)؛ أي: مَن لا يذكر الله الرحمن (أي الرب الرحيم بالجميع) نسلط عليه شيطاناً (يكون لصيقاً به) يصاحبه ويجالسه.
     
  • إنّ لمن الخطر علينا أن نغفل عن ذكر الله "الرحمن" مدة طويلة من الزمن. قل: «بسم الله الرحمن الرحيم» لكل حركة تهُمّ بالقيام بها وكل سَكَنَة؛ هذا منهاج عام زوّدنا به أهل البيت(ع).
     
  • يقول العلامة القاضي الطباطبائي(ره): "رأيتُ في عالم المكاشَفة أن رحمة الله الواسعة هو أبو عبد الله الحسين(ع)". فإن لم تكن ذاكراً لرحمة الله، أفلا تستطيع ذكر الحسين(ع)؟ لا تعش من دون الحسين.. لا تبتعد عن الحسين.. الحسين(ع) هو رحمة الله!

تعليق