الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۹۹/۰۸/۰۵ چاپ
 

مقطع فلم | لنكون صالحين لا بد من مهارة..

  • انتاج:  موسسة البیان المعنوي
  • المدة: 05:29 دقیقة

النص:

رغبتُنا في أن يكون عملُنا صالحاً ليست كلها مرتبطة بالإيمان. بل، وبحسب الآية القرآنية: «كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِه»؛ أي: الناس يأتون بمعظم أفعالهم انطلاقاً من طباعهم. وهذه "الشاكلة"، أو لنقل: "الشخصية" (اللتان تظهران بمرور الزمن)، أو بتعبير أبسط: "المهارة"، حاسمة جداً في دفع المرء إلى العمل الصالح. ففي حديث، على سبيل المثال، الشخص ذو الخُلق السيّئ لا يُغفَر ذنبُه (هذا). نص الحديث: «سُوءُ الخُلُقِ ذَنبٌ لا يُغفَر». طيب، لماذا سوءُ الخُلق لا يُغفَر؟ السبب «فَإِنَّ صَاحِبَهُ كُلَّمَا خَرَجَ مِنْ ذَنْبٍ» جرّاء خُلقه هذا «دَخَلَ فِي ذَنْب» بسبب عادته السلوكية السيئة، إذ لا يستطيع أن يضبط نفسه. إن من العناصر المهمة جداً للتقوى هي مراقبة الإنسان نفسَه. ومن عناصرها الجيدة الأخرى أيضاً هي المواظبة على هذه المراقبة حتى تتحول إلى "مهارة". فإن نظرْنا إلى مراقبة السلوك يصعب الأمر علينا، أما إذا نظرْنا إلى العادة فسيسهل علينا. فلو قال أحدهم: التقوى صعبة. قُلنا: بدايتُها تبدو صعبة.. إذ يطول الأمر حتى يكسب الشخص هذه المهارة. لكن هذه الصعوبة لن تدوم.. سوف يتعوّد عليها.. سيكسب مهارة.. البعض هكذا يتصور: يظن أن شدة إيمانه بالله تدفعه إلى فعل الصالحات. وهذا خطأ فادح! لأن شدة الإيمان لا تأتي أصلاً إلا أن تواظب مدّةً على العمل الصالح وتستمر مدّةً على ترك المعاصي. فلا يترقّب أحدٌ أبداً أن تجتاحه رغبةٌ جارِفة للاستيقاظ لصلاة الليل! إنه العمل الذي يبعث على الإيمان. إنه العمل الذي يُلهب في صاحبه الحب. إنه العمل الذي يأتي بالخوف، ويثير الشوق. ولهذا ترون أنّ الإسلام كلّه أوامر. لماذا العمل مهم إلى هذا الحد؟ إنك إذا عرفتَ أن العمل مهم جداً فستبدأ بنهج التقوى، فتنتقل من المراقبة.. لتصل إلى العادة، أو تنتقل من محاربة العادات الرذيلة.. إلى الخلاص منها. العمل الصالح، إذن، ليس مرتبطاً كله بالإيمان؛ فهذا القليل من الإيمان الذي تحمله بوسعه دفعك أميالاً إلى الأمام. إننا متورّطون بعاداتنا النفسانية.. متورّطون بالمهارات التي نفتقر إليها. هذا الذي نملكه من الإيمان والمعرفة كافٍ.. المطلوب هو الهِمّة للعمل، وهذه الهِمّة للعمل تارةً تأتي من شدة الحُب والاشتياق واللهفة والخوف، وتارةً مما يملك الشخص من معرفة بأهمية العمل. هذه هي مشكلتنا الكبرى؛ وهي أنّ علينا أن نرفع من قيمة العمل في أنفسنا لنكون من أهل المراقَبة؛ فالمُتّقي، أساساً، هو المراقب. المُتّقي ليس هو الشديد الإيمان الذي بلغ التقوى بسبب إيمانه، إذ في وسعه حيازة التقوى قبل الإيمان! إنه الإنسان المنظَّم.. الإنسان... المراقِب، الذي بالمراقبة أصبحَ منظَّماً. إذن لا ينتظر أحدٌ الإيمانَ لكي يكون ذا تقوى، بل يكفيه هذا الإيمان (القليل)، لا بل من دون إيمان أيضاً... يمكن أن يكون المرء مُتّقياً.. ومراقباً! لأن شدة الإيمان لا تأتي أصلاً إلا أن تواظب مدّةً على العمل الصالح وتستمر مدّةً على ترك المعاصي. إننا متورّطون بعاداتنا النفسانية.. متورّطون بالمهارات التي نفتقر إليها.

تعليق