الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۹۴/۰۹/۰۴ چاپ
 

بعض أسرار مسيرة الأربعين وآدابها

  • الزمان: 03/11/2015
  • المكان: مهدية ـ مشهد المقدّسة
  • A4|A5 :pdf

ألقى سماحة الشيخ علي رضا بناهيان كلمة في مؤتمر الزوّار والناشطين في مسيرة الأربعين حول «بعض أسرار مسيرة الأربعين وآدابها» فإليكم أهم المقاطع من كلمته: 

أ ـ بعض أسرار مسيرة الأربعين

1ـ أسرار الأربعين المعنويّة/ كل من عاش زيارة الأربعين ولو لمرّة واحدة، يشعر بآثارها المعنوية

  • بودّي أن أقسّم الحديث حول زيارة الأربعين العظيمة إلى قسمين: الأول أسرار الأربعين، والثاني آداب الأربعين. كما في باب أسرار الأربعين يمكن الحديث عن أسرارها المعنوية وكذلك عن أسرارها الاجتماعية والسياسية والعالمية. في ما يرتبط بأسرار الأربعين المعنوية، عندما يقف الإنسان عند عظمة الأجر والثواب الذي أعدّه الله سبحانه وتعالى لزوّار الأربعين، يشعر بأنه ليس هناك عمل أعظم أجرا وثوابا للمؤمنين من هذا العمل. فقد روي عن الإمام الصادق(ع): «مَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَیْنِ ع کَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِکُلِّ خُطْوَةٍ حِجَّةً وَ عُمْرَةً» [عوالي اللئالي/ج4/ص82] وعنه(ع): «مَنْ أَتَى قَبْرَ الْحُسَیْنِ ع مَاشِیاً کَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِکُلِّ خُطْوَةٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ وَ مَحَا عَنْهُ أَلْفَ سَیِّئَةٍ وَ رَفَعَ لَهُ أَلْفَ دَرَجَةٍ» [كامل الزيارات/133] وعنه(ع): «مَنْ أَتَى قَبْرَ الْحُسَیْنِ ع مَاشِیاً کَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِکُلِّ خُطْوَةٍ وَ بِکُلِّ قَدَمٍ یَرْفَعُهَا وَ یَضَعُهَا عِتْقَ رَقَبَةٍ مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِیلَ» [كامل الزيارات/143]
  • حقيقة يعجز الإنسان عن إدراك الأسرار المعنوية المنطوية في هذه الرحلة العظيمة. وأظن أن هذا الموضوع بغنى عن الدعايات، فكل من جرّب زيارة الأربعين وعاش أجواءها، شعر بالآثار العظيمة المعنوية التي تتركها هذه المسيرة العظيمة في وجوده. ومن عاش هذه التجربة لا يحتاج إلى دعاية بعد ذلك. وليس ذلك سوى جذابيّة الأربعين المعنويّة للقلوب الطاهرة والنيّرة.

2ـ أسرار الأربعين الاجتماعية والسياسية والحضارية/ كان الإمام الخميني(ره)، يعتبر «الوحدة الواسعة» علامة للنصرة الإلهية الحتمية والانتصار

  • في هذه الجلسة سوف أغضّ النظر عن أسرار زيارة الأربعين المعنويّة، وأتطرّق إلى الأسرار الاجتماعيّة والسياسيّة والعالميّة والحضاريّة. لقد أشار الإمام الخميني(ره) إلى قضيّة خاصّة 12 مرّة وكلّها كانت في السنة الأولى بعد انتصار الثورة. بعد ذلك وفي السنة الثانية أعطى تحليلا لتلك القضيّة وكرّر هذا التحليل 12 مرّة أيضا وهذا ما يجدر بالانتباه جدّا. لقد قال سماحته: أنا قد تيقّنت بانتصار الثورة في فرانسا وبعد ما بلغني خبر من إحدى القرى بأن عالمها قد تقدّم وتبعه الناس خلفه في مسيرة مظاهرات، ثم هتفوا بنفس الشعارات التي كانت تهتف في المدن الكبيرة. [صحيفة الإمام الفارسية/ج8/ص224 , ج6/ص490]. يقول السيد الإمام: لقد تيقّنت من انتصار الثورة بعد ما نقل لي هذا الخبر. إذ لا يمكن تسيير شعب كامل عبر الإعلام والدعايات بحيث يهتف بهتاف واحد في مختلف أرجاء البلد. لذلك أنا اعتبرت هذا الخبر علامة للنصرة الإلهية. يعني عندما يقلّب الله قلوب الناس ويوحّد قلوبهم، فإنه علامة لنصرة كبيرة قادمة.
  • كذلك قد كرّر السيد الإمام هذه القضيّة عدّة مرّات، وهي أنّ في المظاهرات الاحتجاجيّة التي كانت تخرج قبل انتصار الثورة، كانت مرأة عجوزة قد أجمعت مجموعة من السكك في كاسة ووقفت في الرصيف بجنب الشارع لكي تعطيها للمتظاهرين الثوار إن احتاجوا إلى مخابرة بيتهم والاتصال بهم [كان يومذاك هواتف عامّة منصوبة في الطرقات وتشتغل بالسكة] [صحيفة الإمام الفارسية/ج7/ص265 , ج9/ص 407] كان السيد الإمام يعتبر مثل هذه القضايا علامات للنصرة الإلهية.

لا يخلو هذا الاحتشاد الجماهيري العفوي في الأربعين من أسرار/ بلا شك يجب أن نعتبر هذا التحوّل من مقدّمات الظهور

  • شاهدوا هذا التحليل نفسه في هذه الظاهرة العظيمة المتجسّدة بمسيرة الأربعين والاستضافة الشعبيّة العفوية. على أساس تحليل السيّد الإمام الذي أشرت إليه، بودّي أن أقول لكم بأن مشاهد مسيرة الأربعين أعظم وأضخم من تلك الأحداث التي حدثت في مختلف أرجاء إيران. في هذه المسيرة نجد عشائر العراق ومختلف شرائح الشعب العراقي الطيّب، أحيانا يأتون بكل ما يملكون على حافّة الطريق ويقدّمونه للزوّار. في هذا الطريق توزّع مئات الملايين من وجبات الطعام على يد عشائر العراق والشعب العراقي. ومن جانب آخر ترى الزوّار يتحمّلون الصعاب والمشقّة لطيّ هذا الطريق مشيا على الأقدام، بلا أن تكون هناك دعايات واسعة لمشاركة الناس في هذه المسيرة.
  • إن هذا التعاطف وهذه الاستضافة الرائعة التي يقوم بها الشعب العراقي للزوّار وكذلك هذا الحضور الجماهيري المليوني، يجسّد حركة شعبية عفويّة مليئة بالأسرار، يشعر بها أولئك الذين يحظون برؤية اجتماعية دينية ولهم نظرة عميقة إلى السنن الإلهيّة. بلا شك يجب أن نعتبر هذا التحوّل من مقدّمات الظهور. لقد قال الإمام الخميني في عام 1982 إن لهفة شبابنا إلى الشهادة من علامات الظهور؛ «إن هذا الشوق واللهفة إلى لقاء الله... هي من علامات ظهور بقية الله أرواحنا فداه» [صحيفة الإمام الفارسية/ج16/ص129] وها أنتم تشاهدون اليوم كيف يشارك الملايين من الناس في مسيرة الأربعين بالرغم من علمهم التامّ بالمخاطر المحتملة.

إن مسيرة الأربعين، هي نقطة أوج مواكب العزاء والمآتم على الإمام الحسين(ع)

  • لقد كان للإمام الخميني(ره) عناية خاصّة بمواكب العزاء والتظاهرات الحسينية، ولم يكن يرى أثر المجالس المحدودة في مكان مغلق أو جلسات زيارة عاشوراء المنزليّة تبلغ إلى مدى آثار المواكب والتظاهرات الحسينيّة. لقد قال السيد الإمام(ره): «إن هذا البكاء هو الذي حفظ سيد الشهداء وإن هذه المآتم والضجيج والصراخ هي التي حفظت مدرسته. إن هذا اللطم وهذه المواكب هي التي حفظت ذلك. فلو لم يكن إلا مقدّس يجلس في غرفته أو قعر داره ثم يدمن على قراءة زيارة عاشوراء ويدير سُبحته، لما بقي شيء [من الدين]، إن الأمر يحتاج إلى ضجيج. كلّ مدرسة تحتاج إلى ضجيج، ولابدّ من اللطم دونها. لن تحفظ مدرسة ما لم يكن هناك من يلطم ويبكي ويضرب على صدره ورأسه من أجلها.» [صحيفة الإمام الفارسية/ ج8/ص526]
  • كما تشاهدون اليوم، إن مسيرة الأربعين هي نقطة أوج مواكب العزاء والمآتم الحسينية. فمن وقف على رؤى السيد الإمام وخطاباته، بإمكانه أن يشعر بأسرار الأربعين الاجتماعية والسياسية والعالمية. كما أن المطّلع على أحاديث أهل البيت(ع) أيضا يستطيع أن يعرف أسرار هذه الظاهرة العظيمة على المستوى الاجتماعي والسياسي والعالمي.

الإمام الخميني(ره): كان أهل البيت قد خطّطوا لتكوين قوّة هائلة عبر هذه الدموع

  • كان يقول السيد الإمام(ره) إن هذا الثواب العظيم الذي أعدّ لإقامة العزاء على الحسين(ع) وأن الدمعة الواحدة لها ثواب عظيم جدّا يدل على أن أهل البيت(ع) كانوا قد خطّطوا لتكوين قوّة هائلة عبر هذه الدموع؛ «لماذا أعدّ الله هذا الثواب العظيم لصبّ الدموع حتى وإن كانت قطرة واحدة حتى للتباكي؟ هنا تتضح القضية شيئا فشيئا من بعدها السياسي... فالمهمّ هو الجانب السياسي الذي خطّط له أئمتنا منذ صدر الإسلام ليبقى إلى النهاية. وهو أن أيّ اجتماع وتحت أي راية وأيّ فكر وعقيدة كان، لا يؤثّر في المجتمع بقدر ما يؤثّر فيه مأتم سيد الشهداء.» [صحيفة الإمام الفارسية/ج16/ص344]
  • اجعلوا هذا التحليل للإمام الخميني(ره) حول ثواب الدمعة الواحدة إلى جانب حديث الإمام الحسن العسكري(ع) في شأن زيارة الأربعين، حيث جعلها إحدى علامات المؤمن الخمس؛ «عَلَامَاتُ‏ الْمُؤْمِنِ خَمْسٌ... وَ زِیَارَةُ الْأَرْبَعِینَ» [تهذیب الأحکام/6/52] لقد كان الإمام الحسن العسكري(ع) آخر إمام حاضر يستطيع أن يلقي رسالاته إلى شيعته بشكل مباشر، ولا شكّ في أنه كان يعلم جيّدا بأنه في الواقع قد حدّد ملتقىً لمقيمي عزاء الحسين(ع) وزوّاره، وسوف ينفّذ هذا الحديث ملايين من البشر وسيأتي يوم ينطلق فيه عشرات الملايين من الناس في أيام الأربعين ويقطعون الصحاري والفلوات إلى كربلاء.
  • إن بعض هذه الموارد الخمسة التي حدّدها الإمام العسكري(ع) كعلامات للمؤمن عامّة جدّا، مثل ما يرتبط بالصلاة كالجهر ببسم الله الرحمن الرحيم. وبعضها جزئية جدّا مثل التختّم باليمين فهي من الآداب التي قد لا تكون حياتيّة ومصيريّة. وإذا بالإمام الحسن العسكري يضمّ زيارة الأربعين إلى هذه العلامات الخمس! فقد قال(ع): «عَلَامَاتُ‏ الْمُؤْمِنِ خَمْسٌ صَلَاةُ الإِحْدَى و الْخَمْسِینَ وَ زِیَارَةُ الْأَرْبَعِینَ‏ وَ التَّخَتُّمُ فِي الْیَمِینِ وَ تَعْفِیرُ الْجَبِینِ وَ الْجَهْرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیم‏» [كتاب المزار/ص53]
  • وحقيقة إذا بدأ الناس يطّبقون هذه العلامات الخمس، سيجدون أن أثر زيارة الأربعين لا يقاس بأثر باقي العلامات. فلماذا جعل الإمام الحسن العسكري(ع) زيارة الأربعين في ضمن العلامات الأخرى التي هي أخصّ من زيارة الأربعين وأسهل منها تطبيقا؟ لعلّ السبب هو أن الإمام قد أراد إخفاء هذه الرسالة. إنه قد أعطى رسالة في خلال هذا الحديث الشريف، ولكنّها يجب أن تُحفظ وتبقى إلى أن يأتي وقت تطبيقها. لذلك فقد أخفاها الإمام بين مجموعة من الوصايا والعلامات البسيطة لكي لا ينتبه العدوّ إلى مغزاها وعمقها والخطّة العظيمة التي تكمن فيها. أنا أتصوّر أن صياغة الحديث هذا، تحكي عن نوع من التستّر، وذلك لكي تصل رسالة الإمام إلى شيعته ومحبّيه في الوقت المناسب. وقد حان ذلك الوقت. لأنه إذا أريد تسيير مسيرة مليونيّة، فلابدّ أن تنزل الحكومات إلى الميدان وتخدم مسيرة الأربعين. وها أنتم ترون كيف قد نزلت الحكومات إلى الميدان. وكذلك لابدّ للشعوب والأقوام والهيئات والمواكب أن يدعموا هذا المشروع.

لا ينبغي لمحبّ الإمام الحسين(ع) أن يقصّر في الأربعين/ لقد طرق الأربعين أبواب بيوتنا فردا فردا

  • النقطة الأخرى التي يجب أن أقدّمها لكم هي أنه لا ينبغي لمقيم عزاء أبي عبد الله الحسين(ع) ومحبّه ومواليه أن يقصّر في الأربعين، فضلا عن أن لا يفعل شيئا للأربعين. فهل تصدّقون أن صاحب هيئة وموكب لا يقدّم شيئا للأربعين؟! هنا يتبادر هذا السؤال وهو أنه أساسا لماذا يخدم في الهيئة والموكب مع أنه لا يملك حافزا لتقديم شيء للأربعين؟!

الأربعين هو مجلس عزاء أقامه الإمام الحسين(ع) نفسه/ هل تصدّقون أن شخصا ينفق باسم الحسين(ع) طوال السنة، ولكنه لا يقدّم شيئا للأربعين؟!

  • هل تصدّقون أن شخصا ينفق باسم الحسين(ع) طوال السنة، ولكنّه لا يقدّم شيئا للأربعين؟! هل تصدّقون بوجود مثل هذا الإنسان؟! إذ لا يمكن للإنسان أن يقع في غفلة عظيمة كهذه! والحال أن الأربعين قد طرق أبواب بيوتنا فردا فردا.
  • كيف يمكن أن تهتمّوا بمجلسكم الذي أقمتموه في بيتكم أو حسينيّتكم، ولكنكم لا تعيرون اهتماما للمجلس الذي أقامه أبو عبد الله الحسين(ع) بنفسه في كربلاء وفي يوم الأربعين، وتحضره زينب بطيّ الصحاري والفلوات لتصل إلى كربلاء في يوم الأربعين؟! بالتأكيد يجب أن نهتمّ بمجلس سيّد الشهداء هذا أكثر من باقي المجالس. يجب أن نجعل هذه الزيارة والبذل والعطاء فيها ثقافة نتواصى بها مع بعض.

لقد اجتاز الأربعين مرحلة الاستحباب، وقد أوشك أن يصبح تكليفا/ لقد أصبحت زيارة الأربعين جزء من شرفنا/ يجب أن نسعى لتكثير عدد زوّار الأربعين

  • لقد اجتاز موضوع الأربعين مرحلة العمل المستحبّ المعنوي، وقد أوشك اليوم أن يصبح تكليفا. كما جاء في رواياتنا «حَقٌّ عَلَى‏ الْغَنيِ‏ أَنْ‏ یَأْتِيَ‏ قَبْرَ الْحُسَیْنِ ع فِي السَّنَةِ مَرَّتَیْنِ وَ حَقٌّ عَلَى الْفَقِیرِ أَنْ‏ یَأْتِیَهُ فِي السَّنَةِ مَرَّة» [تهذیب الأحکام/6/43] ومع الأخذ بنظر الاعتبار التسهيلات والضيافة المتوفّرة في زيارة الأربعين، لابدّ لمن لا يستطيع الذهاب إلى زيارة الحسين(ع) بسبب تكاليفها الباهضة، أن يذهب إلى زيارة الأربعين باعتبارها أرخص وأقلّ مؤونة. وبالإضافة إلى ذلك لقد أصبحت زيارة الأربعين جزء من شرفنا وكرامتنا نحن الشيعة. فلا يكفينا أن نراقب عدم نقصان عدد الزوّار، بل يجب أن نسعى لتكثير عدد زوّار الأربعين أيضا.
  • لقد قال سماحة السيد القائد الإمام الخامنئي(دام ظله): «إن الشهداء تجسيد لقوّة هذا البلد». وإنها لكلمة عميقة جدّا. إذ عندما يقدّم شعب شهداء في سبيل الله، فإنه في الواقع يقول: «نحن لا نهاب الموت»، فيقوى هذا الشعب ولا يقدر العدوّ على الاقتراب منه. إذن على أساس هذه الكلمة العميقة، انظروا أن سيد الشهداء(ع) كم هو تجسيد لقوّة الأمّة الإسلامية؟

بمشاركتنا في مسيرة الأربعين، نعزّز القوّة الحسينيّة في العالم/ لم نعد نستطيع أن نتخذ ذكر الحسين(ع) كتسلية روحية ومعنوية وحسب، فقد أصبحت القضيّة جادّة!

  • عندما نشارك في مسيرة الأربعين، فكأنما قد عزّزنا القوّة الحسينيّة في العالم. فهل يمكن التقصير في حقّ الأربعين؟! لا يمكن أبدا.
  • لم يعد الهتاف بشعارات الفداء والتضحية للحسين(ع) أمرا بسيطا! فلعلّ الله يصارحنا ويقول: «لقد كنت تصرخ كثيرا: بأبي أنت وأمي يا حسين(ع)، فها قد توفّرت بعض الظروف لتطبيق شعارك، فتفضّل وقدّم شيئا، لنرى كم تقدّم وتضحّي في هذه الساحة!» طبعا لا حاجة إلى الفداء والتضحية بالنفس، ولكن لابدّ أن ننزل إلى الميدان ونخطو خطوات في هذا المسار. فلم يعد بإمكاننا الادعاء بلا عمل! ولم نعد نستطيع أن نتخذ ذكر الحسين(ع) كتسلية روحية ومعنوية وحسب، فقد أصبحت القضيّة جدّیة! فهل يمكننا التقصير في حقّ الأربعين؟!

لقد حذر الإمام الصادق(ع) من ترك زيارة كربلاء ثلاث سنوات/ يجب أن نجتاز الدوافع العاطفية ونشعر بالتكليف ونخشى غضب النبي(ص)!

  • يجب أن نجتاز الدوافع العاطفيّة ونشعر بالتكليف. يجب أن نخشى غضب النبي الأعظم(ص) قبل أن نفكّر بالثواب والأجر العظيم الذي أعدّه الله لزوّار الحسين(ع). كما قال الإمام الصادق(ع) لأحد أصحابه: «یَا عَلِيُّ! بَلَغَنِي أَنَّ قَوْماً مِنْ شِیعَتِنَا یَمُرُّ بِأَحَدِهِمُ السَّنَةُ وَ السَّنَتَانِ لَا یَزُورُونَ الْحُسَیْنَ؟ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي أَعْرِفُ أُنَاساً کَثِیرَةً بِهَذِهِ الصِّفَةِ. قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لِحَظِّهِمْ أَخْطَئُوا وَ عَنْ ثَوَابِ اللَّهِ زَاغُوا وَ عَنْ جِوَارِ مُحَمَّدٍ ص تَبَاعَدُوا...... أَمَا إِنَّهُ مَا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ عُذْرٍ وَ لَا عِنْدَ رَسُولِهِ مِنْ عُذْرٍ یَوْمَ الْقِیَامَةِ» [كامل الزيارات/296]
  • كذلك سأل صفوان الجمّال الإمام الصادق(ع) عن مقدار زيارة الإمام الحسين(ع) فِي كَمْ يَوْمٍ يُؤْتَى وَ فِي كَمْ يَسَعُ النَّاسَ تَرْكُه‏؟ فقال: «أَمَّا الْقَرِیبُ فَلَا أَقَلَ‏ مِنْ‏ شَهْرٍ وَ أَمَّا بَعِیدُ الدَّارِ فَفِي کُلِّ ثَلَاثِ سِنِینَ فَمَا جَازَ الثَّلَاثَ سِنِینَ فَقَدْ عَقَّ رَسُولَ اللَّهِ ص وَ قَطَعَ رَحِمَهُ إِلَّا مِنْ عِلَّة»‏ [كامل الزيارات/297]

إن الله سوف ينصر الإمام الحجة بالرعب/ إن مسيرة الأربعين من أهمّ مظاهر القوّة التي تلقي الرعب في قلوب الأعداء

  • إذا أعرنا مزيدا من الاهتمام بزيارة الأربعين سوف تقوى جبهة الإسلام وسوف تقلّ الصدمات التي يلحقها الأعداء بالأمة الإسلامية وتزداد مهابتهم منا. كما أن هذه القاعدة نفسها سوف تتحقق في أمر الفرج؛ «و نَصَرهُ بِالرُّعْبِ». فإن الله سوف ينصر خاتم الأوصياء بإلقاء الرعب في قلوب االأعداء. يقول الإمام الباقر(ع): «الْقَائِمُ مِنَّا مَنْصُورٌ بِالرُّعْبِ» [كمال الدين/ج1/331] وإن مسيرة الأربعين من أهمّ مظاهر القوّة التي تلقي الرعب في قلوب الأعداء. إذ عندما يرى أعداؤنا هذه الجماهير المليونيّة، يتساءلون: إلى أين يذهب هؤلاء وهم رافعو شعار «يا لثارات الحسين»؟! فيا ترى إذا كان هؤلاء يحظون بمثل هذه القوّة والطاقة وهم يعيشون فترة غيبة إمامهم، فكيف بهم إذا ظهر إمامهم وتضاعفت قوّتهم؟!  
  • وكذلك أهل العالم عندما يسمعون أنباء مسيرة الأربعين، يتساءلون عن سبب احتشاد هذه الأعداد الضخمة من الناس في كربلاء. فيقال لهم لقد أوصاهم والد إمام زمانهم قبل أكثر من ألف عام بالاجتماع في كربلاء في يوم الأربعين. هنا يتبادر هذا السؤال إليهم أن يا ترى ماذا سيفعل هؤلاء إن ظهر أمام زمانهم وأمرهم بشكل مباشر؟!

ب ـ بعض آداب مسيرة الأربعين

في سبيل إبطال دسائس العدوّ لمسيرة الأربعين، حسبنا مراعاة بعض آداب هذه الزيارة

  • باعتبار أن أعداءنا لن يجلسوا متفرّجين لهذه المسيرة العظيمة ولن يتركوها بلا دسائس ومؤامرات، حريّ بنا أن نتذاكر بعض آداب الأربعين.
  • أنا في طوال هذه السنين التي مرّت علينا بعد انتهاء الدفاع المقدّس، كان لي حضور وارتباط مع كثير من الهيئات والمواكب الجيّدة. فكلّ موكب توسّع ونجح في نشاطاته وازداد عدد روّاده، نصحت شبابه بنصيحة واحدة وهي أن: «احذروا من أن يفرّق الشيطان بينكم ويلقي بينكم عداوات واختلافات، فإنكم الآن تتعاونون مع بعض بحبّ ومودّة، ولكن الشيطان يحاول أن يخرّب عملكم.» وأقولها لكم من وحي التجربة أن كلّ موكب لم يراقب هذه المسألة المهمّة، نشأت فيه خلافات ونزاعات، لأن هذا هو عمل الشيطان.
  • لقد أثبتت التجربة أن كلّ جماعة يقومون بعمل جميل، يلقي الشيطان بينهم العداوة والبغضاء لكي يخرّب نشاطهم. فبطبيعة الحال من المؤكد أن قد خطّط شياطين الجنّ  والإنس من كبيرهم إبليس والشيطان الأكبر أمريكا إلى الشياطين الصغار، بعضَ المؤامرات والدسائس لمسيرة الأربعين العظيمة. أما نحن ففي سبيل إبطال دسائسهم حسبنا أن نطبّق بعض آداب هذه الزيارة. 

1ـ إظهار المحبّة والإخوة الدينية/ صاحب موكب عراقي: لقد عشقت الإيرانيين في الأربعين

  • على رأس آداب مسيرة الأربعين هو «إظهار الحب والشعور بالإخوة الدينية». يجب أن تكون هذه المحبّة والأخوّة في قلوب مقيمي عزاء الإمام الحسين(ع) وتظهر على سلوكهم. أما كيف تجسّدوا هذا الحب والأخوة فهذا ما يرجع إلى ذوقكم.
  • قال صاحب موكب عراقي: بسبب كثرة التبلیغات التي كان يبثّها النظام الصدّامي وباقي الأنظمة الفاسدة في البلدان الإسلامية، كنت أكره الإيرانيّين. حتى في السنين السابقة كان يأتي بعض الزوّار من إيران ولكن لم يزل في قلبي شيء تجاههم، إلى أن بدأت هذه الزيارات الجماهيرية في الأربعين فعشقت الإيرانيّين. لأني رأيتهم متواضعين وطيّبين ويمشون على أقدامهم ويتحمّلون الصعاب لحبّ أبي عبد الله الحسين(ع). يعني رأيت الأخوة الدينية في موسم الأربعين في سلوك الإخوة الإيرانيّين.
  • كان يذهب الإيرانيّون إلى زيارة كربلاء عبر حملات، ولكنّهم لم ينجحوا في إظهار الأخوّة الدينية خلال تعاملهم مع الإخوة العراقيّين ولا سيما في تسوّقهم وشرائهم ومساومتهم. ولكنكم تستطيعون أن تجعلوا أيام الأربعين موسما لتعزيز المحبّة والأخوّة الدينية بين الشعبين الإيراني والعراقي.

بابتسامة واحدة، أبطلوا أثر مليارات الدولارات التي قد صرفها العدوّ لبثّ الفرقة بين هذين الشعبين

  • ثقوا بأن أعداء هذين الشعبين قد صرفوا مليارات الدولارات لبثّ الفرقة بينهما، فأبطلوا أثر هذه الأموال الطائلة بابتسامة واحدة وبسلام حارّ. ما هو الإشكال لو تعلّمتم أربع مصطلحات في المجاملة وإظهار المحبّة لتستخدموها هناك؟! فعلى سبيل المثال، كم تشعرون بالودّية والعلاقة الحميمة لو قال لكم أخ عراقي: «آقا جون»، فكذلك بإمكانكم أن تتعلموا عبارات ومصطلحات من هذا القبيل وتستخدمونها في مواجهة إخوتنا من أبناء الشعب العراقي الحارّ.  

يجب أن نجسّد أروع مظاهر الأخوّة في مسيرة الأربعين

  • يجب أن نجسّد أروع مظاهر الأخوّة في الأربعين. ليجسّد الزوّار الإرانيّون هذه الأخوّة بينهم وكذلك ليجسّدوها في تعاملهم مع الإخوة العراقيّين. بإمكانكم في الأربعين أن تجسّدوا الرحمة والصفاء والمحبّة وأمثال هذه العناوين التي رفعوا شعارها في العالم، ثم انظروا كيف يستقبلكم الحسين(ع)! فراقبوا أنفسكم ولا تنسوا الابتسامة وإظهار المحبّة لإخوتكم المؤمنين.
  • أحد العوامل التي أدّت إلى تضاعف عدد الزوّار بسرعة رهيبة من المئة ألف إلى مليون ومنه إلى عشرة مليون ثم إلى عشرين مليون، هو تبلور هذا الحبّ بين المؤمنين. فإن الإنسان عندما يكون بين هذا العدد الكبير من الناس يشعر بالمحبّة والأخوّة جيّدا.

2ـ لا نكثر في الطعام/ اعتراض الإمام الصادق(ع) على إكثار زوار الحسين(ع) من الطعام  

  • من الآداب الأخرى لزيارة الإمام الحسين(ع) هو أن يقتصد الإنسان في الأكل والطعام. لا يخفى عليكم أن الضيافة في مسيرة الأربعين على أوجها وستجدون أصحاب المواكب يقدّمون لكم أحسن ضيافة لحبّهم للحسين(ع)، ولكن ينبغي لكم أن لا تحرصوا وتطمعوا بأنواع الأطعمة والأشربة، بل حتى اكتفوا أحيانا بالخبز اليابس الساقط على المائدة. فقد روي عن الإمام الصادق(ع) أنه قال: «بَلَغَنِي أَنَّ قَوْماً أَرَادُوا الْحُسَيْنَ ع حَمَلُوا مَعَهُمُ السُّفَرَ فِيهَا الْحَلَاوَةُ وَ الْأَخْبِصَةُ وَ أَشْبَاهُهَا لَوْ زَارُوا قُبُورَ أَحِبَّائهِمْ مَا حَمَلُوا مَعَهُمْ هَذَا» [كامل الزيارات/ص129]
  • وكذلك روي عنه عليه السلام قال: «بَلَغَنِي أَنَّ قَوْماً إِذَا زَارُوا الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِيٍّ حَمَلُوا مَعَهُمُ السُّفَرَ فِیهَا الْحَلَاوَةُ وَ الْأَخْبِصَةُ وَ أَشْبَاهُهَا لَوْ زَارُوا قُبُورَ أَحِبَّائِهِمْ مَا حَمَلُوا ذَلِكَ» [كامل الزيارات/ص129 , من لا يحضره الفقيه/ج2/ص281]
  • و قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ: «تَأْتُونَ قَبْرَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع؟ قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: تَتَّخِذُونَ لِذَلِكَ سُفْرَةً؟ قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا لَوْ أَتَیْتُمْ قُبُورَ آبَائِکُمْ وَ أُمَّهَاتِکُمْ لَمْ تَفْعَلُوا ذَلِكَ. قَالَ قُلْتُ: أَيَّ شَيْ‏ءٍ نَأْکُلُ؟ قَالَ الْخُبْزَ بِاللَّبَنِ». [من لا يحضره الفقيه/ج2/ص281]
  • وفي رواية أخرى قال أبو عبد الله(ع): «تَزُورُونَ خَیْرٌ مِنْ أَنْ لَا تَزُورُوا وَ لَا تَزُورُونَ خَیْرٌ مِنْ أَنْ تَزُورُوا. قَالَ قُلْتُ: قَطَعْتَ ظَهْرِي. قَالَ: تَاللَّهِ إِنَّ أَحَدَکُمْ لَیَذْهَبُ إِلَى قَبْرِ أَبِیهِ  کَئِیباً حَزِیناً وَ تَأْتُونَهُ أَنْتُمْ بِالسُّفَرِ. کَلَّا حَتَّى تَأْتُونَهُ شُعْثاً غُبْرا» [كامل الزيارات/ص130]

إن كنّا قادرين على ذكر الله في مسيرة الأربعين ببطن فارغة، فلماذا نعرّض أنفسنا للغفلة بالإكثار من الطعام؟

  • لقد أوصانا أهل البيت بالعبادة بغير بطنة، وإن المشي في مسيرة الأربعين من أعظم العبادات النيّرة. طبعا لعلّ بعض الزوّار يقصد هذا الطريق ليحظى بالضيافة المتوفّرة على طول الطريق باسم الحسين(ع) ويتمتّع بها ولعلّ معرفته لم تتعدّ هذا المستوى، ولكن اعلموا أن الزيارة ولا سيّما زيارة الحسين(ع) تقتضي بعض الآداب ومنها قلّة الطعام والشراب كما صرّحت بذلك الروايات.
  • نحن ذاهبون إلى مجلس ضيافة. ونحن نتذكّر أيام طفولتنا كيف كانت الأمهات يمنعون أولادهم من الإكثار من الطعام عند ذهابهم إلى مجلس الضيافة. يعني كان الأمهات يأمرن أولادهم بشيء من كفّ النفس وعدم الإكثار من الطعام حفاظا على سمعتهم. كذلك ينبغي لنا أن نجسّد هذه الآداب عند حضورنا في مجلس الضيافة هذا. طبعا بعض الأحيان قد ترون بعض الخدّام وأصحاب المواكب يصرّون عليكم لتستريحوا عندهم وتأكلوا من مائدتهم، فلا بأس باستجابة دعوتهم ولكن حاولوا أن لا تملأوا بطنكم. لماذا يملأ الإنسان بطنه ويعرّض نفسه للغفلة وهو قادر على الذكر ببطن خالية في تلك الأجواء الرائعة؟ فإنها لخسارة كبيرة.

طوّلوا تعقيبات صلاتكم والزموا العبادة بالتركيز على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن/ المخضرمون في زيارة الأربعين يقطعون طريق النجف إلى كربلاء في خمسة أيام لا يومين

  • النقطة الثانية في زيارة الأربعين هي لزوم العبادة بالتركيز على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن. يا حبّذا لو تكون صلوات جماعتنا بمزيد من الجمال والروحانيّة وبتعقيبات أطول. لا تستعجلوا في القيام بعد انتهاء صلاة الجماعة وأطيلوا التعقيبات بعد الصلاة فإن المخضرمين وأصحاب الخبرة في زيارة الأربعين لا يستعجلون لطيّ الطريق من النجف إلى كربلاء خلال يومين، بل يقطعونه في أربعة أو خمسة أيام. والعجيب أن روحانيّة المشي إلى كربلاء أكثر من روحانيّة الإقامة في كربلاء. وهي حقيقة لا تخلو من أسرار.
  • إذا أردتم تحديد أماكن الاستراحة وسط الطريق، فيا حبّذا لو تجعلوا مكان استراحتكم نفس المكان الذي تصلون إليه وقت الأذان. يعني كل ما تسمعون صوت الأذان وسط الطريق، توقفوا للصلاة واجعلوا ذلك المكان نفسه مكان استراحتكم. ثم طوّلوا التعقيبات قليلا.

اقرأوا مصائب أبي عبد الله في صفوف الصلاة/ يجب أن يتحوّل هذا الطريق إلى محلّ للعبادة!

  • حتى إذا أردتم أن تقرأوا مصائب الحسين(ع) فاقرأوها في صفوف صلاة الجماعة. وأساسا يجب أن يتحوّل هذا الطريق إلى محلّ للعبادة! وهذه أيضا من المشاهد التي يجب أن تجسّدوها.
  • لقد قرّر بعض الإخوة أن يختموا القرآن في طريقهم من النجف إلى كربلاء وهذا أمر ممكن. بإمكانكم أن تستخدموا سماعة الموبايل وتختموا كلّ القرآن أو بعضه تهدوا ثواب ختمتكم إلى فاطمة الزهراء(س) والعقيلة زينب(س) وباقي المعصومين(ع). ثم اهدوا ثواب إهدائكم هذا إلى روح الإمام الخميني(ره) وأرواح الشهداء. وبعد ذلك اهدوا كلّ هذا الثواب المتضاعف إلى أرواح أمواتكم.

4ـ عدم النزاع أولى من إصلاح بعض الأعمال غير الصحيحة/ لا تثيروا في هذا السفر بعض النزاعات بذريعة النهي عن المنكر

  • النقطة الأخرى التي يجب أن نلتفت إليها في هذا السفر، هو أن لا تثيروا في هذا السفر بعض النزاعات بذريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذ سوف يزداد نشاط بعض التيّارات والجهات هناك ليثيروا النزاع. وعدم النزاع أولى من إصلاح بعض الأعمال غير الصحيحة. فراقبوا أنفسكم ولا تعمدوا إلى إصلاح كلّ شيء في دفعة واحدة!

وصية الإمام الباقر(ع): لا تتنازع مع من سبّ أمير المؤمنين(ع) بل صافحه!

  • باعتبار أن هذا التيّار الخبيث السياسي المعادي للإسلام والتشيّع وجبهة الإيمان، يهدف إلى إثارة الفتنة والنزاع، فحاولوا أن لا تعطوه فرصة لتحقيق أهدافه. يقول أحد أصحاب الإمام الباقر(ع): «قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ ع: إِنِّي أَرَاكَ لَوْ سَمِعْتَ إِنْسَاناً یَشْتِمُ عَلِیّاً فَاسْتَطَعْتَ أَنْ تَقْطَعَ أَنْفَهُ فَعَلْتَ. قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ. ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لَأَسْمَعُ الرَّجُلَ یَسُبُّ عَلِیّاً [جَدّی] وَ أَسْتَتِرُ مِنْهُ بِالسَّارِیَةِ فَإِذَا فَرَغَ أَتَیْتُهُ فَصَافَحْتُهُ. [المحاسن/ج1/ص260]

اجتنبوا عن المواجهات التي يستغلّها الأعداء/ من الطبيعي جدّا أن يكون العدوّ قد خطّط بعض المؤامرات في هذا المجال!

  • لا شكّ في أنه يجب الحذر من إثارة النزاع، من قبيل النزاعات السياسيّة أو غيرها. حتى إذا رأيتم أحدا من الناس يحاول أن يبتدع بدعة، فلا بأس أن تتحدّثوا معه إن توفّرت الظروف للتحدّث معه في جوّ هادئ غير متوتّر، أمّا إذا وجدتموه يحاول أن يستفزّكم ليثير نزاعا، فاحذروا بشدّة من النزاع ومرّوا كراما. عندما أسلوب الإمام الصادق(ع) مع الناصبي الذي سبّ أمير المؤمنين(ع)، يجب أن نجتنب نحن أيضا عن بعض المواجهات التي تصبّ في صالح العدوّ. إذ من الطبيعي جدّا أن يكون العدوّ قد خطّط بعض المؤامرات في هذا المجال. وقد حدثت بعض التوتّرات المختصرة في العام الماضي. وبالتأكيد سوف يبرمج العدوّ لمثل هذه المواجهات.
  • إن إنكلترا من الخباثة بحيث لا توظّف أجهزتها الأمنيّة والاستخباراتية فقط، بل حتى توظّف وسائل إعلامها التي تحاول أن تعطيها صبغة حياديّة وسمعة طيّبة لبث خبثها، فقد قالت إحدى قنواتها قبل كم سنة: «الیوم یوم تاسوعاء ويقيم الشيعة الإيرانيّون فيه العزاء على الأخ غير الشقيق للإمام الحسين(ع)»! بينما نحن نرى أن في العبّاس أعلى درجات الأخوّة. أما إنكلترا الخبيثة هذه تعبّر عن العبّاس بتعبير لم يخطر على قلب شيعيّ أبدا. وهذا ما يدلّ على أنها تحاول أن تطعن وتفرّق بكلّ وسيلة. ومنذ سنين تبرمج لبث الفرقة والنزاع بين الشيعة في أيّام محرّم وبين مواكب العزاء.

يجب أن يتمّ إعداد منشور لآداب الأربعين ويوزّع بين جميع الزوّار

  • أنا آمل أن يتمّ إعداد قائمة طويلة لآداب زيارة الأربعين المعنوية والسلوكية والاجتماعية ليطّبقها زوّارنا في هذا السفر الروحاني. حريّ بأصحاب الذوق والدقّة أن يكتبوا آداب الأربعين ثم يوزّعوها على الزوّار ويشرحوها لهم، بحيث لا يبقى زائر ومشارك في هذه المسيرة إلا وتصله نسخة من هذا المنشور. واطمئنوا أن ثواب هذا السفر العظيم سيتضاعف بمراعاة هذه الآداب. ونحن على يقين بأن هذه الزيارة العظيمة ستمهّد لظهور الإمام الحجّة(عج) إن شاء الله.

كل من خطا خطوة لزيارة الأربعين، فسوف يسجّل الإمام الحسين(ع) اسمه

  • باعتقادي أن كلّ من يحاول أن يقدّم شيئا ويخطو خطوة لزيارة الأربعين، فسوف يسجّل الإمام الحسين(ع) اسمه. وحقيقةً كلّ خطوة يخطوها الإنسان من أجل الأربعين يشعر بتحوّل في قلبه. أسأل الله أن يوفّقكم للمشي في هذا الطريق الروحاني، ولا سيّما في أربعين هذا العام الذي يقارب موقعه من فصول السنة، مع زمن مجيئ الحوراء زينب(س) إلى كربلاء في العام 61ه.

تعليق