الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۰۰/۰۹/۱۰ چاپ
 

مقطع فلم | مفتاح فهْم تصرفات الله الغريبة

  • انتاج:  موسسة البیان المعنوي
  • المدة: 07:41 دقیقة

النص:

نحن حقًّا عباد الله وتبَع له، وعلينا حقًّا عبادتُه، وطاعتُه، لكن أتعلمون ما معنى هذا؟ مع حفظ الاستقلال. كُن مستقلًّا... من اللافت لي.. أنّ الله لا يخاطب أبدًا عبده فيهديه، فيسلبه بذلك استقلالَه. لهذا السبب قد لا يحبّ معظمُكم القرآن، بل إنّ القرآن لا يجعل أحدًا يحبه بهذه البساطة، تقرأ منه قليلًا فيثيرُ مَلَلك فيقول: "اغرُبْ عن وجهي، اغرُب! هل أنا رواية.. لأخدعك فأصوغ عباراتي بحيث لا تتركني حتى تقرأني إلى النهاية!" أصدقائي، إنْ لم يجتذبكم القرآن فهذه خطّة الله بالتأكيد، لا تظنّ أنّ الله لم يقدر على أكثر من هذا، لا تتخيّل أنّك سيّئ، إنها أساسًا خطّة الله! يقودك لخطوات ثم يتركك.. الاستقلال أساس، وإلّا لما خلقك إنسانًا، يقودك لخطوات ثم يتركك.. تقوم من نومك بضع ليال لصلاة الليل (هذا مذكور في حديث) فيفعل الله فجأة ما يجعل التعبَ يغلبك، بل يقول: "ملائكتي، لا توقظوه، بل دَعُوا صلاة الصبح تفوته أيضًا"، فتتنبّه من جديد وتقول: يا ويلي، لماذا حصل هذا؟ إلهي، لماذا تركتَني؟! - "ماذا؟ ماذا حصل؟ ألم أقل عليك الاعتماد على نفسك؟" ليس سلوكك الحسَن هو المهم عند الله، المهم عنده هو الباعث لهذا السلوك، لماذا لا يعذّبك الله من فوره؟ لماذا لا يشجّعك في الحال؟ لأنه يريد حفظ استقلالك. أحدهُم: أين ذُكِرَت الحرية في القرآن؟ قلتُ: ثُلث القرآن على الأقل يتحدث في استقلال الإنسان وحرّيته. قال: أين، وكيف؟! - كلّ هذا الكلام في الجنة والنار لأجل ماذا؟ يقول: "سأعاقبك فيما بعد، بأيّ طريقة؟ قد أعفو عنك أيضًا، سأُنَعِّمك فيما بعد.." - ألا تصفعه الآن؟.. اِصفعه يا رب! - أنا أحترمه، بل لا أُريه ذرّة من جهنم، لا أُعيدُ أحدًا ممّن دخل النار، لا أسمح له بالعودة بهذه البساطة ليُخبره ما القصة هناك. - لماذا تتكتّم يا إلهي، أخبرني!.. أَرِني. - "لكن ستُثلَم استقلاليتك، فإنْ أتيتَني أتيتَني بسبب ما رأيتَ! ولا أريد دفعك لهذا، ولو أردتُ دفعك لم يصعُب عليَّ ذلك، لا أُريكَه في المنام، بل في اليقظة!" لو أراد الله أن يجعلك تبعًا له، بالمعنى الشائع للكلمة، ومطيعًا ومنقادًا له من دون استقلال.. لما صَعُبَ عليه، لشاهدَ كلّ شاب يبلغ سنّ التكليف منامًا! ليس أسهل من ذلك، يُريه المحشر والقيامة و... ويقال له: هذه الجنة وهذه النار، أتُصَلّي؟ وسيصيح في المنام نفسِه: قل لي فقط كم ركعة؟ وسينهض من الغَد لصلاة الليل أيضًا! وانتهى... أصعبٌ هذا على الله؟ فلِمَ لم يفعله؟ يريد صيانة استقلالك في العبودية. يا أصدقائي، يحبّ معظمُنا أن يكون تبعًا لله بطريقةٍ ما، بل يحبّ الله أيضًا؛ يقول: "إلهي، استحلفك أن تأدِّبَني كي لا أُخطئ.. أرجوك.. لا داعي لإعطائي كل هذا الاستقلال، يكفي بالله عليك، لقد أشقَيتُ نفسي بقراراتي الفاسدة، بضعفي، بمخاوفي.. أصلِحْ لي كل هذا يا رب!". وهل سيُلبّي؟! أو يستجيب؟! ثم إنك إن التصقتَ بالله وتقرّبتَ منه جدًّا وغَنِمتَ حالًا طيّبةً؛ حجًّا روحانيًّا، زيارةَ كربلاء راقية، عزاءً مُحَرَّمِيًّا رفيعًا، تعْلَم ما سيحدث بعدها، صحيح؟ سيضعك أمام بلاءٍ من الوزن الثقيل، اختبارٍ صعب، ذنبٍ عظيم، وسيضيع كل ما ادّخَرتَه كشربة الماء! يا هذا، الله لا يرحم في مثل هذه الأمور! خُذها منّي.. شابّ روسيّ، نقلتُ قصّتَه سابقًا، لدى سماعه اسم "الحسين" في لطمية في أخبار يورونيوز أَحَبَّ الإمام الحسين(ع) فبحثَ فاكتشف أنّه مأتم يُقام على رجلٍ اسمه الحسين. في النهاية سافر أحد الإخوة إلى روسيا وعثر عليه، كان شديد التأثّر بالحسين(ع)، يسمع اللطميّات باستمرار. يقول: "حين كنتُ أسمع اللطميّة.. (ولم يكن يعلم أن ما تقرؤون اسمه لطميّة) كنتُ أمتلئ حرارة في برد سيبيريا القارس"، وهو لا يعلم شيئًا عن الإسلام والإمام الحسين(ع). في النهاية دعاه الإخوة فجاء إلى إيران وأخذوه إلى مرقد الإمام الرضا(ع)، مع فروض الاحترام.. يا الله، يا إلهي.. كان في غَمرة الحبّ والحال، كان يقترب تدريجيًّا.. في رحلته الثانية، ولعلها الأولى قال: - "أريد اعتناق الإسلام، لأنه دين الحسين" اعتنق الإسلام، نطق بالشهادتين عند ضريح الإمام الرضا(ع) وعند الباب رَنّ الهاتف الجوّال.. فجأةً رأينا لونه تغيّر.. - ماذا حصل؟ كان الفتى متعلّقًا بأُمّه بشدّة... بشدّة. قال: أخبرَتْني أمّي الآن: صدرتْ نتيجة تحاليلي، عندي سرطان! تسأل عن حالنا؟.. قلنا: "إلهي، الآن؟! سيقول: تفضّلْ! دينكم لا سَعْدَ فيه! أيُّ نَحْس هذا؟! فقدتُ أمّي! الآن أسلَمتُ، أهكذا جزائي؟!" يقول: خيَّمَ علينا صمتٌ مُميت، ماذا سيقول؟! تأمّلَ قليلًا.. كان غائصًا في أفكاره، حزينًا على أمّه وفجأةً.. التفتَ قائلًا: "إنّ الله يختبرني أيضًا.. رآني تقرّبتُ منه فبَلاني أنا الآخر.. كما بَلا الحسين(ع)"... أيها الحسينيون، كونوا أهل بلاء، ليطمَئِنّ بالُكم، لن تُبتَلَوا، قسمًا بالله إنّ الأمر ليس هكذا، لكن، كُن مستقلًّا.. كن حُرًّا.. دع الله يقول: حتى لو ابتليتُه لما سقط.. كُن مستقلًّا! في صُلب العبودية لله، في صُلب طاعته، في صُلب التبعيّة له يوجد هذا الاستقلال، لاحظ نمط تعاطي الله معك!

تعليق