الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۹۸/۰۹/۲۳ چاپ
 

جامعة الإمام الصادق (ع) ـ نمط الحياة أوقع تأثيرا من العلم والإيمان(3)

إن سلوكك ونمط حياتك، ينظم أفكارك ورغباتك

  • المكان: جامعة الإمام الصادق (ع)
  • الزمان: 2 محرم 1440
  • A4|A5 :pdf

 

طريقان أساسيان لتعزيز الإيمان والحب: 1. طريق العلم والفكر 2. طريق العمل/ إن تأثير العمل على الرغبات آكد من تأثير العلم/ إن لنمط سلوك الناس وحياتهم تأثيرا قطعيا على قلبهم وإيمانهم ورغباتهم/ الصهاينة: تديّن بأي دين شئت، ولكن خذ نمط حياتك منّا! تُصبحْ لنا عبدا!

إليكم أهم المقاطع من كلمة عليرضا بناهيان في جامعة الإمام الصادق(ع) تحت عنوان «نمط الحياة، أوقع تأثيرا من العلم والإيمان»:

  • عندما نقول: «إن تأثير العمل والسلوك أكثر من العلم» فلا يعني ذلك بالضرورة أن العمل أرقى وأثمن! فليس حديثنا عن «القیمة» بل عن «قوّة التأثير». أجل؛ إن ثمن الإيمان عالٍ جدّا، وقيمة العلم والعمل هي بسبب تأثيرهما في ازدياد الإيمان. ولكن لا يعني ذلك أن نعمد إلى الإيمان مباشرة ونسعى لتقويته! وهل يمكن تعزيز الإيمان بشكل مباشر؟! وأساسا ليس لنا إلى القلب من سبيل مباشر!
  • كيف يسعنا أن نصعّد مستوى الإيمان والحب في قلوبنا؟ إذا أردنا أن نعزّز الإيمان والحب ونضعّف الرغبات السيئة فأمامنا طريقان: أحدهما طريق العلم والفكر، والآخر طريق العمل. ولكن العمل أوقع تأثيرا من الفكر والمعلومات. طبعا إن تأثير العلم على النزعات، في القلب السليم أسرع. وتأثير العمل على النزعات أبطأ، ولكنه أكثر حتميّة وأشدّ اطمئنانا.
  • إن لعمل الناس ونمط سلوكهم وحياتهم تأثيرا قطعيّا على قلوبهم وإيمانهم ورغباتهم. كما أن لعمل الإنسان وسلوكه تأثيرا على معرفته وفكره. فعلى سبيل المثال أحد أعمالنا هو النظر. فإنك تتعلم بعض الأشياء عبر النظر، وتتذكر بعض الأشياء على أثر النظر.
  • في أحد اختبارات علم النفس، جمعوا عددا من الأطفال في مكان محدّد ثم وضعوا على الطاولة أمامهم حلويّات. ثمّ قالوا للأطفال: إن لم تطعموا هذه الحلويات لمدّة نصف ساعة نكافئكم بهديّة. ثم خرج المختبِر من الغرفة وبدأ يراقب سلوك الأطفال عبر الكامرة. رأى بعض الأطفال ينظرون إلى الحلويّات كثيرا ويحدّثون أنفسهم أن هل يأكلون منها أم لا! ورأى بعض الأطفال ينظرون إلى الحلويات تارة فقط، ورأى بعضهم لا ينظرون إليها إلا قليلا أو لا ينظرون أبدا.
  • فكانت نتيجة الاختبار كالتالي: أكثر الأطفال الذين كانوا يُكثرون من النظر إلى الحلويّات قد أكلوا منها، أما أولئك الذين لم ينظروا إليها فلم يأكلوا. إذن لنظر الإنسان تأثيرٌ على إرادته.
  • لقد قام عالم النفس الذي أجرى هذا الاختبار بدراسة حياة هؤلاء الأطفال وعملهم ورشدهم العلمي بعد خمسة عشر سنة فخرج بنتيجة مُلفتة: كل من لم يطعم الحلويات من هؤلاء الأطفال كان قد أصبح إنسانا ناجحا، وكل من أكل منها فلم يُصبح ناجحا وإن كان يحظى بذكاء معرفي عال.
  • يقول العلماء اليوم: ليس للذكاء المعرفي ذاك التأثير، خلافا للذكاء العاطفي الذي هو في بالغ التأثير. فكيف يقوّون الذكاء العاطفي؟ بشعار «أجّل أكلَ الحلوى»! لقد أُسست مدرسة في الغرب وفقا لهذا المنهج مكتوب على زيّ طلابها «كل الحلوى بعد حين!»
  • ما هو المؤثّر في الرشد العلمي؟ إذا أردتم أن تربّوا عالما، فعلّموا طلّاب الابتدائية على «جهاد النفس». حسبكم أن تحافظوا على سلامة قلب الطفل، لينطلق هو بنفسه نحو التعلّم والفهم! فما عساي أن أفعل للحفاظ على سلامة قلبه؟ علّمه نمط الحياة الصحيحة، يُصبح عالما!
  • أعتقد أنه يجب أن تتحوّل المدارس الابتدائية إلى مراكز يتأدب فيها الطفل. أي نُعلّم الطفلَ نمط الحياة وبكل أدب. حينها سيتلقّى الطفلُ العلمَ أيضا خلال حواره ولعبه مع المعلّم والطلاب. لا أقول أن نضعَ العلم جانبا ولا نعلم الطفل شيئا، ولكن لا بحجم المناهج الدراسية الموجودة اليوم! لعل خمسة أو عشرة بالمئة من حجم الدروس الموجودة تكفي.
  • إذا اضطررتم في المرحلة الثانوية إلى نظام الدرجات لتُلزموا الطالبَ الدراسةَ والبقاءَ في المدرسة، فهذا علامة على إفلاس منهج الابتدائية. إن دور المرحلة الابتدائية هي أن تعدّل سلوكَ الطفل. الابتدائية هي فترة «امتثال الأوامر» من أجل تعديل السلوك.
  • إن عدّلنا ونظّمنا ورقّينا نزعات الطفل ومن ثَمّ صَلُحت نزعاتُه، سيبحث عن الفهم والمعرفة من تلقاء نفسه. فأولا سيُصبح فهيما، وثانيا سيقدر على الربط بين معلوماته عبر فكر مبدِع. فيكون حينئذ عالما لا خازنا للمعلومات! أي سينتج العلمَ بنفسه.
  • ماذا يحدث إن لم يكن قلب الطالب أي نزعاته سالماً؟ إحدى التائج هي أن لم يعد يفهم جيّدا، والثانية أنه لن يقدر على الربط بين ما معلوماته حتى لو فهم بعض الأمور. والثالثة أنه لا يستطيع أن يستخدم علمَه.
  • سيأتي زمان على الناس، كلّ من أراد أن يطلب العلم وفي أيّ فرع وتخصّص، فإن شاهد الناسُ منه سلوكا خاطئا قالوا له: ألا تريد أن تُصبح عالما؟ فما هذا السلوك إذن؟! ما هذا الزي الذي ارتديتَه؟! وما هذه التسريحة لشعرك؟ فقد انطلقت أفعالك هذه من هوسك! ومن المؤكد أن لا يُصبح أسيرُ الهوى عالماً! سيقول هذا الكلامَ حتى ملحدو المجتمع وفساقُه لا المتديّنون فحسب!
  • فحينئد سيمنع العلماء أنصافَ المحجّبات من دخول الجامعة ويقولون لهن: «هنا مركز للعلم! ولا يجوز اللهو والفسوق في المركز العلمي؛ إذ یضرّ هذا السلوك بحركة التطوّر العلمي.» فإن ازددنا فهما ونُضجاً بلغنا هذا المستوى. ولكنّا اليومَ هكذا نتواصى بالحجاب فنقول: «نرجو الالتزام بالقيم الإسلاميّة»! أي لم نفهم ما هي فائدة الحجاب بعد، ولكن يجب الالتزام به على أي حال!
  • إن السلوكَ ينظم قدرتك على التفكير وينظّم نزعاتك أيضا. وقد أدرك الصهاينة هذا الموضوع (أهمية السلوك ونمط الحياة) جيدا. هم يقولون: لا أهمية لفكركم وإيمانكم ودينكم. فاعبدوا من شئتم، وآمنوا بأي نبيّ شئتم، واتخذوا أيّ دين شئتم! ولكن دعونا ننظّم نمط حياتكم، تصبحوا عبيدا لنا.
  • اليوم، لا يتدخّل الصهاينة كثيرا في رؤية الناس الكونيّة، بل يتدخّلون في سلوكهم ونمط حياتهم! يقولون: كلوا هذه الشطائر، واسمعوا هذه الأغاني، والبسوا هذه الأزياء... إنهم يراهنون على السلوك كالزّي وتسريحة الشعر و.. ثم يُطلقون شعار «حرّية الأديان»! لماذا؟ لأنهم لم يعودوا يخشون الدين بعد ذلك.
  • قال أمير المؤمنين(ع): «لَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَلْبَسُوا لِبَاسَ الْعَجَمِ وَ يَطْعَمُوا أَطْعِمَةَ الْعَجَمِ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَرَبَهُمُ اللَّهُ بِالذُّلِّ.» [محاسن/ج2/ص410] فإن استطاع أولئك الذين يهدفون إلى البطش بكم والقضاء عليكم أن يغيّروا مأكلكم وملبسكم فقد انحدرتم إلى الشقاء.
  • لقد انطلقت في الغرب موجة تدعو إلى «ضرورة ضبط السلوك»؛ ولكنّها لم تصل إلى إيران الإسلامية بعد. مع أنها حركة يؤيّدها ديننا أيضا! لا أدري متى يريد بعض مدرائنا الوسط أن يتركوا انبهارَهم بفكر الصهاينة وثقافتهم؟! متى يريدون أن يدركوا أن الدين عقلاني؟! وما أكثر التجارب في العلوم التجريبيّة التي تؤيّد الدين. فليعملوا وفق معطيات العلوم التجريبيّة على الأقل! فقد أثبتت العلوم التجريبيّة اليوم أن السلوك أو نمط الحياة مهمّ جدّا.
  • ومع الأسف لم ترسخ هذه الحقيقة حتى في مناهجنا التعليميّة الدينيّة. فمن أراد أن يدرّس الدين، غالبا ما يتّجه إلى الرؤية الكونية والإيمان والأبحاث الكلامية والعقدية؛ لا إلى إصلاح السلوك ونمط الحياة!
  • هناك روايات كثيرة تصبّ في مجال مدى تأثير السلوك على النزعات والأفكار. فعلى سبيل المثال قال أمير المؤمنين(ع): «الْقَلْبُ مُصْحَفُ الْبَصَر» [نهج البلاغة/ الحكمة409] قل لي «إلى ماذا تنظر؟» ليتبيّن مدى إيمانك.
  • وقال الإمام الصادق(ع): «إِیَّاکُمْ وَ النَّظِرَةَ فَإِنَّهَا تَزْرَعُ فِي الْقَلْبِ الشَّهْوَة» [تحف العقول/ 305] النظر يزرع الشهوة في القلب، لا أنّه ناجم عن الشهوة فقط!
  • وقال أمير المؤمنين (ع): «مِنَ الْفَرَاغِ تَکُونُ الصَّبْوَةُ» [غررالحكم/9251] أي يكون الجهل والركون إلى الهوى. ونحن في بلدنا ندع الشابّ فارغا عاطلا عبر تنظيم حكومي تحت غطاء الثانويّة. مع أن هذا المقطع من عمر الإنسان هو فترة العمل والنَصَب والتعب والفكر معاً. فنحن نخون شبّان هذا البلد حين نقول لهم: «لا تعمل وإنما نريد أن نشحن ذهنك بالمعلومات!» فها نحن نروّج الفساد في المجتمع بشكل تنظيمي.
  • من یعمل ویشتغل، يحسن فهمُه. طبعا قد لا يجد طالبُ الثانوية عملا مُربِحا، ولكن ما أكثر الأعمال التي لا تُكسبه مالا ولكنّها تنجيه من الفراغ. يجب أن يكون العمل شرفَ الثانويّة وعِرضَها. المدرسة الثانوية التي لا تفرض على طلابها أن يقوموا بأعمال ونشاطات مضافة إلى دراستهم، فإنها في الواقع من بواعث الفساد في البلد.

تعليق