الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۹۸/۱۰/۱۹ چاپ
 

جامعة الإمام الصادق (ع) ـ نمط الحياة أوقع تأثيرا من العلم والإيمان(4)

من بين الأعمال كلّها، لا يرقى تأثير عملٍ في وجود الإنسان إلى أثر تغيير السلوك!/ التوبة تعني أن تنقذ نفسك (معلوماتك ورغباتك) من أسر أعمالك السيّئة

  • المكان: جامعة الإمام الصادق (ع)
  • الزمان: 3 محرم 1440
  • A4|A5 :pdf

 

يكفينا للسلوك الحَسَن شيء قليل من الإيمان والرغبات الحسنة، وغالبا يتوفّر هذا القدر عندنا/ أول ما يجب على المدرسة هو مساعدة الأسرة على تحسين سلوك الطفل، لا أن تشحن ذهنه بالمعلومات/ حتى الذي لا دين له، فهو من أجل تكوين حياة حسنة وحيويّة بحاجة إلى تعديل سلوكه ونمط حياته./ أيّ عمل ننجزه بحيث يترك فينا أكبر تأثير إيجابي؟ الاستغفار والتوبة وتعديل السلوك!/ إن كثيرا من عادتنا التي يجب أن نغيّرها هي من قبيل "السلوك الدفاعي".

إليكم أهم المقاطع من المجلس الرابع من سلسلة محاضرات عليرضا بناهيان في جامعة الإمام الصادق(ع) تحت عنوان «نمط الحياة، أوقع تأثيرا من العلم والإيمان»:

  • يتساءل البعض أن لماذا قلت: «لا حاجة لنا إلى العلم ولا الإيمان بل ولا إلى المحبّة قبل العمل؟» ولكني لم أقل: لا حاجة لنا إلى العلم والإيمان والحب قبل العمل الصالح والسلوك الحسن، بل أقول: لا حاجة لنا إلى اكتساب الإيمان والرغبات الحسنة، إذ نحن نحظى بها ذاتا وقد انطوت قلوبنا عليها!
  • يلزمنا الإيمان قبل العمل، كما قد قُدّم الإيمان على العمل في أغلب الآيات القرآنية (الَّذينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحات‏) ولكن سؤالي هو أنه «كم من الإيمان يلزمنا؟» حسبنا للقيام بالعمل الصالح قدرٌ يسير من الإيمان، ومن ثَمّ ينمو هذا الإيمان بالعمل الصالح، وهذا القدر اليسير من الإيمان متوفّر لدى أكثر الناس ويسمّى بالإيمان الفطري. وإن فُقِد عند امرء فلا يحتاج إلى تعليم كثير بل يتبلور بأقل إشارة أو نغزة.
  • يكفي للانطلاق شيءٌ قليل من الإيمان والعلم والحبّ الحسن. فمع توفّرها يصل الدور إلى العمل وإصلاح السلوك! ولكن الرؤية العامّة لدى الناس على عكس هذه الحقيقة، ومناهج الحوزة والجامعة لم تدوّن على أساسها. أنا لا أدعو إلى تهميش العلم! ولا أسوّق للأميّة! ولكن نفس هذا العلم يقول: «إن العمل ونمط السلوك الحسن، يصعّد قابليّة الإنسان في الفهم واكتساب العلم».
  • يقول الإمام الخميني (ره) في كتاب «الأربعون حديثا»: «اعلم أن لا يُطوى طريقٌ في المعارف الإلهية إلا أن تكون بداية حركة الإنسان فيه من ظاهر الشريعة [أي هذه الأحكام الدينية من المحرمات والواجبات و...] وما لم يتأدّب الإنسان بآداب الشريعة الحقّة، لن يتبلور فيه شيء من الأخلاق الحسنة حقيقةً، كما لا يمكن أن يُشرق قلبُه بنور المعرفة الإلهيّة أو ينكشفَ له علم الباطن وأسرار الشريعة» [الأربعون حديثا (الفارسية)/8] يعني ما لم تسلك طريق الشريعة وتعمل بأحكام الدين لا تستطيع أن تفهم لماذا أصدر الله هذا الحكم! اعمل أولا لتقتنع بعد حين؛ لماذا تريد أن تقتنع ثمّ تعمل؟!
  • يقول البعض: «أريد أن أقتنع ثمّ أعمل!» فعند ذلك يلزمه أن يصرف قسطا من الوقت. يقتضي ذلك أن يقضي سنينا عديدة بالدرس والبحث لكي يقتنع بأداء الواجبات كالصلاة وغيرها. ثمّ هل تتوقّف أنت هذه الوقفة لباقي أعمالك أيضا، فلا تقدم على عمل إلا بعد ما تقتنع به؟! مثلا إن مرضت ووصف لك الطبيب وصفة، هل تقول: «يجب أن أفهم لماذا وُصِفَ هذا الدواء لهذا المرض؟» ممّا يقتضي أن تدرس سنينا لتعرف طبيعة أثر هذا الدواء على جسمك! ولعلّك تموت على أثر هذا المرض نفسِه طوال سنين دراستك!
  • هل تشترط هذا الشرط في مجال صحّة ولدك وغذائه؟! فعلى سبيل المثال هل تسمح لولدك بأن يأكل الأطعمة المضرّة والسامّة ما لم يُدرك ضررَها، فتمهله حتى يدرك هو بنفسه ويقتنع بكونها مضرّة؟! لماذا تُطعِم ولدك الطعام الصحّي من دون استئذانه؟ لنفس هذا السبب يجب أن تقترح عليه ألعابا جيّدة وتؤدّبه على الآداب الحسنة. لا أن تعلّمه فلسفة الأدب أولا، ليقتنع هو بعد حين بضرورة الالتزام بالأدب!
  • ما أكثر الأفعال ـ كالطعام واللبس والالتزام بالصحّة ـ التي نفرضها على الطفل من دون أن يقتنع. ولكن ما إن نصل إلى الأعمال الدينيّة كالصلاة نقول: «يجب أن يقتنع الطفل أولا ثم يصلي!»
  • طبعا ليس كلامنا حول الدين.إنّ ما ندّعيه هو إن العمل مقدّم على العلم من عدّة جوانب. فإذا أردتم على سبيل المثال أن تدرّبوا رياضيّا محترفا للفريق المنتخب، فلا داعي إلى أن تعدّوا له دورة تعليمية في علم التشريح لثلاث سنوات! بل حسبه الحدّ الأدنى من المعلومات ثمّ تبدأون معه بالتمارين العمليّة.
  • أيها الآباء والأمهات الكرام! يجب عليكم أن تهتمّوا بنمط حياة أولادكم أكثر بألف مرّة من اهتمامكم بدراستهم في المدرسة! إن أول ما يجب أن تقوم به المدارس هو أن تعين الأسرة على تحسين سلوك الأطفال؛ لا أن تشحن دماغ الطفل بالمعلومات فقط! فإذا أردتم أن يُصبح ولدكم عالما، وحتى لو أردتم أن يصبح عالما بلا دين، فهذا هو الطريق فحسب.
  • فمن لا دين له، ألم يودّ أن يحظى بحياة حسنة وبهيجة؟ ألا يريد أن يكون مبدعا سعيدا وقويّا؟ فإن أراد ذلك فلا سبيل إليه إلا إصلاح السلوك ونمط الحياة. وقد أقرّت بذلك حتى العلوم التجريبية. يقول العقل البشري اليوم وكذلك تقول العلوم التجريبية: «يجب أن تصلحوا نمط حياتكم أولا»! يعني لا يجوز للمرء أن يأكل كل ما يشتهي، ولا أن يلبس كل ما راق له، بل يجب أن ينظّم سلوكه. وهذا ما يفرضه الدين أيضا. ماذا يقول الدين؟ الدين عبارة عن حياة عقلانية، وقد غدا العالم البشري يصل إلى هذه العقلانيّة.
  • يجب أن نصلح سلوكنا أولا. فقد روي عن نبي الله عيسى (ع) أنه قال: «إنَّهُ لَيسَ بِنافِعِكَ أن تَعلَمَ ما لَم تَعلَم ولَمّا تَعمَل بِما قَد عَلِمتَ، إنَّ كَثرَةَ العِلمِ لا تَزيدُ إلّا كِبرًا إذا لَم تَعمَل بِه‏» [الزهد لابن حنبل/ ص76] إذن يجب على أولئك الذين يتردّدون إلى الجامعة والأوساط العلميّة أن يراقبوا سلوكهم أشد المراقبة.
  • قال سماحة السيّد القائد الإمام الخامنئي (دام ظله) ذات مرّة: لا ينبغي أن تروّج الموسيقى في الجامعات كثيرا. أتعلمون لماذا؟ إذ لابدّ لأهل العلم من استخدام دماغهم، ولكن بعض أنواع الموسيقى مضرّة! أساسا يجب أن تتغيّر كثير من الممارسات في الجامعة، لأن من المفترض أن تمارس فيها أفعال حساسّة، وقد عزم طلّابها على استخدام أدمغتهم.
  • قال أمير المؤمنين (ع): «إِنَّکُمْ إِلَى الْعَمَلِ بِمَا عَلِمْتُمْ أَحْوَجُ مِنْکُمْ إِلَى تَعَلُّمِ مَا لَمْ تَکُونُوا تَعْلَمُونَ» [غررالحكم/3826] وقال الإمام الصادق (ع): «وَ اعْلَمْ أَنَّ قَلِیلَ الْعِلْمِ یَحْتَاجُ إِلَى کَثِیرِ الْعَمَل...» [مصباح الشريعة/14] لأنك تدرك حقيقةً ما في لحظة، ثمّ يلزمك أن تعمل بها طوال عمرك!
  • وقال (ع): «مَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ کُفِيَ مَا لَمْ یَعْلَمْ» [توحيد الصدوق/416] حسّن سلوكك واعمل صالحا، فإن الله سيغدق عليك بالعلوم من كل باب وجدار ـ بتعبير الشيخ بهجت (ره) ـ أي من كل حدب وصوب، وستعي بنفسك كثيرا من الحقائق!
  • بعدما اقتنعنا بأن العمل أهمّ، يأتي هذا السؤال وهو أنه «أي عمل نمارسه؟ وما هي الخطوة الأولى؟» من أهم الأعمال الجيّدة والمؤثرة التي يجب أن نبدأ بها، هو تغيير السلوك والتوبة وكسر العادة والاستغفار! أيُّ عملٍ يصقل روح الإنسان كثيرا؟ أي عمل نقوم به ليترك فينا أكبر تأثير؟ الاستغفار، التوبة وتغيير السلوك! فكّر وانظر ما هي عاداتك السيئة التي يجب أن تغيّرها؟ (طبعا تغيير العادة ليس بأمر هيّن أبدا)
  • يقال في الأبحاث العرفانية «إن الخطوة الأولى هي التوبة!» فإن ارتكبت ذنبا تب، وإن وجدت نفسك خاليا من أي سلوك سيئ لتتوب منه، فتب من أفعالك الحسنة! وقل إلهي ما هذه الصلوات التي أديتها؟ أسأت يا ربّ! فسأسعى أن أحسّن صلواتي! إن كان النبي (ص) يستغفر فما بالك بأنفسنا؟!

تعليق