الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۰۰/۰۴/۰۹ چاپ
 

جامعة الإمام الصادق (ع) ـ نمط الحياة أوقع تأثيرا من العلم والإيمان(6)

لماذا نجد نمط الحياة متخلّف في مجتمعنا؟!/ ليهتمّ علماء الدين بإصلاح نمط الحياة أكثر من اهتمامهم بالمسائل الشرعيّة.

  • المكان: جامعة الإمام الصادق (ع)
  • الزمان: 5 محرم 1440
  • A4|A5 :pdf

لا شك في أن مستوانا العلمي متخلف في مجال نمط الحياة ويعود اللوم هنا على علماء الحوزة والجامعة/ إن نمط الحياة هو حصيلة جميع العلوم، فعلى المفكّرين في مختلف العلوم أن يجلسوا معاً ويصمموا نمط الحياة/ إن اقتصر علماء الدين على الحديث عن المسائل الشرعية فقط، سيحصل انطباع مشوّه لدى الناس عن الدين/ إنّ نمط الحياة هو الأرضية للعمل بالمسائل الشرعيّة. فإن صَلُح نمط الحياة، هان العمل بالأحكام الشرعيّة إلى حدّ كبير.

إليكم أهم المقاطع من المجلس السادس من سلسلة محاضرات عليرضا بناهيان في جامعة الإمام الصادق(ع) تحت عنوان «نمط الحياة، أوقع تأثيرا من العلم والإيمان»:

  • بعد ما عرفنا مدى أهميّة نمط الحياة وقرّرنا على مراقبة سلوكنا وتنظيمه، يتبادر إلينا هذا السؤال وهو أنه «كيف ننظّم نمط حياتنا؟» في أي ساعة ننام مثلا ومتى نستيقظ؟ هنا يسعنا أن نستعين بالعلوم التجريبيّة كثيرا.
  • هناك فِرَق من علماء النفس يدرسون الآن هذه القضية وهي أنه «لا يجوز للإنسان أن يجعل أفعاله تحت تأثير مشاعره». وقد جعلوا الخطوات الأولى للعلاج أمرا نسمّيه نحن «الأدب». يقولون: لا علاقة لنا بإيمانك وأهوائك؛ ليس عليك إلا أن تفعل كذا وكذا.
  • ما أكثر الأعمالَ المجانبةَ للصواب التي لا ينبغي أن نعيزها إلى عدم الإيمان. يحظى الإيمان بقوّة ما، ولكن لا ترقى هذه القوّة إلى ما يجعلنا نحمّل الإيمان فوق طاقته! كثيرٌ من النساء الناقصات الحجاب لسن بضعاف الإيمان. فإنهنّ يحظين بإيمان كاف بحَسَبهم، ولكن لو كنّ يملكن «القدرة على مراقبة سلوكهن وتنظيمه»، لجَنَين من إيمانهنّ هذا عشرة أضعاف.
  • تسعون بالمئة من الشباب التاركين صلاتَهم ليسوا بعديمي الإيمان، وإنما يتكاسلون! وهذا مرض في مجال سلوك الإنسان. فلماذا تحدثه دائما عن نار جهنم ويوم القيامة؟! ولماذا تحدّثه دوما عن الإيمان بالله؟ إنه معتقد بالله، ولكن المشكلة تكمن في شيء آخر!
  • نمط الحياة يعني «طابعنا السلوكي» و «والأعمال التي نتعاطاها دائما» فلماذا نحن متخلّفون في نمط الحياة؟ لأن علماء الحوزة والجامعة قد أهملوا موضوع نمط الحياة!
  • طبعا لدينا غيرُ قليل من أهل العلم والفهم، ولكن من أجل الإجابة عمّا يخصّ نمط الحياة فلابد من أن يجلس الفقهاء المتخصصون في مختلف العلوم مع المتخصصین في مختلف العلوم الإنسانية إلى جانب خبراء في علوم أخرى كعلم الوراثة والطب، حتى الفنانين ومهندسي التخطيط الحضري ليتشاركوا في عقولهم ويخرجوا بوصفة بسيطة في نمط الحياة. فإنه إنجاز ليس بهيّن وهو فوق طاقة صنف واحد من المتخصصين. إلا أن يكون حكيما عملاقا يحظى بجامعية في شتّى العلوم كالشيخ البهائي والفارابي وأمثالهم الذين كانوا متخصصين في مجالات عديدة من العلوم والفنون.
  • إنّ نمط الحياة هو حصيلة جميع العلوم! لذلك يجب أن يجتمع العلماء من مختلف العلوم والتخصصات ليصمموا نمط حياة للمجتمع. فعلى سبيل المثال «كيف يجب أن تُجرى الانتخابات؟» یجب أن تُنَظّم بالنحو الذي ترفع مستوى أدب المجتمع، لا أن تنطوي في ذاتها على سوء الأدب، فيأتي بعض المرشحين خلال أيام الانتخابات ويجانب الأدب في كلامه ويُفسد أخلاق المجتمع، ثمّ لا يقدر على إصلاح ما أفسد ألف أستاذ في الأخلاق!
  • لا شك في أن مستوانا العلمي متخلّف في مجال نمط الحياة، ويعود اللوم هنا على علماء الحوزة والجامعة، إذ قد أهملوا هذا الأمر. فليس من العسير تشخيص الحكم الشرعي لعمل شرعيّ ما، كأن يقال مثلا: «المضاربة معاملة اقتصادية جائزة». ولكن فتوى حلّية المضاربة لا تُصبح نمط حياة لنا!
  • لقد أصبح نمط حياتنا الاقتصادية هو أن يَدَع أكثر الناس أموالهم في البنك ولا يتاجرون بأنفسهم؛ أفهل هذه ظاهرة جيّدة؟! يقال: «لا بأس فيه شرعا». ولكن عندما ندرس نتيجة هذا السلوك على مداه الواسع، نجد أنه يقضي على الاقتصاد برمّته. إنه يفسد أخلاق الناس ويعزّز فيهم النفعيّة والانتهازيّة. لذلك ليت فقهاءنا يدرسون بعض الممارسات الاقتصاديّة الواسعة بالاستعانة بنَفَرٍ من المتخصصين في العلوم الإسلامية كعلم الأخلاق والاقتصاد وغيرهما.
  • من النماذج الأخرى هو أنّ وثيقة عقد الزواج الآن تقترح أو تفرض على الرجل 37 توقيعا، فيعطي الرجل وفق هذه التواقيع وكالة بلا عزل إلى زوجه بأن تكون هي صاحبة قرار الطلاق في حالة كذا وكذا. لا بأس بهذه الشروط الضمنيّة شرعا، ولكنها أخذت تنظّم لنا نمط الحياة. فمن الذي درس آثار هذه الشروط على المجتمع؟!
  • بعد ما دسّوا هذه الشروط في عقد الزواج، لم تقل إحصائيات الطلاق بل صارت أضعافا! أليس لإحصائيات الطلاق علاقة بهذه التواقيع؟! قد يقول فقيه: «أنا لم أدرس هذه الشروط إلا من جانب حكمها الشرعي» ويقول محامٍ: «إنها ضمان حقوقيّ محكم!» ولكن عالم النفس يقول: «إنكم بهذه التواقيع تدفعون الأسرة صوب الانهيار!» لذلك يجب أن يجتمع المتخصصون في مختلف العلوم معا ويدرسون أمثال هذه القضايا من جميع جوانبها.
  • لماذا نحن متخلّفون في نمط الحياة؟ لأنه يمثّل علما متطوّرا جدّا، ولابدّ من اجتماع عديد من العلماء معا ليعطونا برنامجا للحياة. أوهل تقدّم أعداؤنا في نمط الحياة؟ وهل قد جمعوا علماءهم بغية تنظيم نمط الحياة؟
  • هنا عندما نحكي عن العدوّ لا نعني الأروبّيّين ولا الأمريكان، بل نعني الصهاينة الذين يبطشون بالمسيحيّين بنفس اليد التي يبطشون بها المسلمين. لقد صُدِم الشعب الأوروبّي والأمريكي أي المسيحي في نمط حياته أكثر منّا بكثير؛ وأعني بالضبط نمط الحياة هذا الذي فرضه عليهم الصهاينة ليجعلوا المسيحيّين تحت هيمنتهم. فقد جعلوهم بالمجون ونمط حياة العبيد، موظّفين لهم ليتسّنى لهم أن يرتكبوا ما يشاءون من جريمة.
  • لقد انتفض الأوروبّيون وعلى رأسهم الفرنسيّون على هذا النمط من الحياة الذي فرضه عليهم الصهاينة، فقد نهض الشعب وقام بتظاهرات وانتخابات من أجل تغيير بعض القوانين. بيد أنّ الصهاينة الذين هم متغلغلون في حكومة فرنسا، لم يسمحوا بإجراء هذه الإصلاحات بنَفَس دكتاتوريّ كامل.
  • هل أنّ أعداءنا متطوّرون في نمط الحياة؟ كلا! ولكن بالنسبة إلى نمط حياة الصهاينة جدير بالذكر أنهم يتمتّعون بنمط حياة رصين في حياتهم الخاصّة بهم؛ بحيث حريّ بنا أن نتعلّم منهم بعض المصاديق في نمط حياتهم! فادرسوا حياتَهم لتشاهدوا سلوكهم في ما بينهم.
  • يلتزم الصهاينة في حياتهم الداخليّة ببعض الآداب وهم متمسّكون بنمط خاصّ من الحياة. وفي ميسوركم أن تشاهدوا هذا الالتزام في بعض الأفلام الأمريكيّة التي تعكس صورا عن داخل الأسرة اليهوديّة. فعلى سبيل المثال في فلم «غريبٌ بيننا» يصوّر المخرج الشبّان والشابّات عند ذهابهم إلى الجامعة، فإنهم يركبون حافلةً فُصِل فيها بين الجِنسَين بستار! وكل ذلك وسط ذاك المجتمع الإباحي والمترع بالمجون! لماذا؟ لأنهم يقولون: «نحن نصبوا إلى إدارة العالم، فإن أطلق شبابنا سراح أعينهم وراحوا يتلهّون بالنظر، لن يقدروا على أن يكونوا أسياد العالم!»
  • لقد تقدّم الصهاينة في هذا الجانب وهو أنه «كيف نفسد نمط حياة ما سوى بني إسرائيل من المسلمين والمسيحيّين الكفّار؟» ومن هذا المنطلق قاموا بتصميم نمط الحياة لسائر الشعوب. فمن جملة أعمالهم وإنجازهم «وثيقة 2030»، ومنها كثير من قوانين حقوق الإنسان ومنها كثير من مناهج التربية والتعليم.
  • طبعا لا أعني أن أعداءنا أعلم منّا! كلا! فإن التخطيط من أجل إفساد المجتمع ليس بأمر عسير! كما لو أردتم أن تهدموا مسجدا فليس ذلك بعسير. إن في ميسوركم أن تهدموه خلال يوم واحد. أما البناء فصعب.
  • الرجولية هي السائدة في الأسر اليهوديّة! هذا نمط حياتهم ولكنهم يقترحون علينا نمط حياة آخر. فعلى سبيل المثال يشيرون علينا في إيران أن لا تكن الكلمة الأولى التي يتعلمها الطفل في الصف الأول «بابا آب داد؛ أبي أعطاني ماءً». ثم يقتنع هنا بعض الجهلة فيعمدون إلى تغييرها. ثمّ لا تتخذ الحوزة موقفا إذ لا بأس بتغييرها شرعاً.
  • لماذا أثارت هذه الجملة في منهجنا الدراسي حفيظَتَهم؟ لأنهم يقولون: «لابدّ من القضاء على الأبويّة ليتسنى لنا تحطيمُ الأسرة». لا يقولنّ أحد: «أنت من هواة الرجولية أم الأنوثية؟» الرجل ملك البیت، والمرأة ملكة البيت. لذلك «بابا آب داد؛ أبي أعطاني ماء» عبارة صحيحة في محلّها.
  • اقرأوا كتاب «بروتوكولات حكماء صهيون» لتطّلعوا على ما جرى خلف الكواليس عند الصهاينة ليتمخّض عن قراراتهم ونشاطاتهم. إنهم يقولون في هذه البروتوكولات: «نحن نجعل الناس يتخذون هذا النمط في حياتهم... ومن ثمّ يصبحون عبيدا لنا!». لم يعبأوا في هذه البروتوكولات بعقائد الناس ورؤاهم الكونية كثيرا، وإنما عبأوا بنمط حياتهم.
  • تخيب آمال أعدائنا حقيقةً حينما يواجهون الجوانب الإيجابية والبارزة في نمط حياتنا! فعلى سبيل المثال لمّا يشاهدون الأربعين ومجالس المحرّم والقميص الأسود وتوزيعات الناس حبّا للحسين(ع)، تسودّ عليهم الدنيا، ولذلك تراهم يهاجمون هذه الشعائر بكل قسوة. مجرّد هذا الإطعام قد قضى عليهم. فهم يقولون: «ماذا نفعل بهذه الشعيرة؟ وكيف نطعن بها؟ وكيف نخرّبها ونفسدها؟»
  • إذا تأثر نمط حياتنا بالصهاينة، فلا تثار حفيظة أحد بطبيعة الحال، لأن هذا التأثر حركة تدريجيّة. المثال الذي يستشهد به الصهاينة أنفسهم في تصميم نمط الحياة للإيرانيّين هو هذا: «إن رميتُم ضفدعا في ماء ساخن، قَفَز من الماء بسرعة، ولكنكم إن وضعتموه في إناء ماء غيره وسخّنتموه شيئا فشيئا، لا يبدي الضفدع أي ردّ فعل، فينطبخ في الماء شيئا فشيئا»! وبالمناسبة كلامهم دقيق، لأن الفعل بطيء في التأثير غير أن تأثيره حتميّ.
  • ليس من الصواب أن لا يتحدّث علماء الدين مع الناس إلا عن المسائل الشرعيّة، فعندئذ سيحصل انطباع مشوّه لدى الناس عن الدين. ينبغي لعلماء الدين أن يكونوا خبراء وأصحاب الرأي في نمط الحياة أيضا ـ طبعا ليس ذلك بهيّن ـ ويحدّثوا الناس عنه. ذلك لأن نمط الحياة يمثّل الأرضية للقيام بالأحكام الشرعيّة. فليتسلّح علماء الدين الحريصون على الناس، بالعلوم ذات الصلة بنمط الحياة، وليصلحوا نمط الحياة مستعينين على ذلك بالعوائل. فإن صَلُح نمط الحياة تيسّر العمل بالمسائل الشرعيّة. والحقيقة هي أن المسائل الشرعية سهلة وهذا ما يقرّ به الجميع.
  • من الذي يطبّق المسائل الشرعيّة؟ من كان نمط حياته منسجماً مع هذه الأحكام! ما الذي يجب أن نفعله ليخفّ ثقل الصلاة على الشباب؟ يجب أن يكون الشابّ مؤدّبا! ليس الأدب في ضمن الأحكام الشرعيّة، بل هو مرتبط بنمط الحياة! ولكن إذا كان الولد مؤدّبا، خفّ عليه ثقل الصلاة. وإنه سيصلّي بمجرّد أن أخبرته عن وجوبها. فلماذا لا يصلّي الآن؟ لأن نمط حياته قد علّمه على الكسل. ولم يؤدّبه كي يستمتع بمراعاة الأدب.
  • يسألني أحدهم: «ماذا أفعل كي يصلّي ولدي الشّاب؟»
  • ـ أفهل جعلتَه منظّما في جميع حياته؟
  • ـ لا.
  • ـ إذن لن يصلّي! الصلاة هي سهلة لمن له عشرون عملا يواظب عليه خلال حياته اليوميّة ويُنجز جميعها أدبا وخلافا لميله.
  • هل أن هذا الولد يُثاب أو يعاقب فورا على كل ما يفعله في المدرسة؟
  • ـ نعم!
  • ـ فانفض يدك عن صلاته! إذ ليس في الصلاة عقاب أو ثواب فوريّان. فلا تنزل عليه حجارةٌ من السماء إن تركها ولن يهده أحد نجمةً إذا صلّى. فيتعاجز عنها ويتركها بالطبع.

تعليق