الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۹۳/۱۲/۱۸ چاپ
 

كلمة سماحة الأستاذ بناهيان في مؤتمر «الأفق الجديد» الثانی

هذا الذي بين يديك أيها القارئ الكريم كلمة سماحة الأستاذ بناهيان في مؤتمر «الأفق الجديد» الثانی بحضور جمع المفکّرین والمحقّقین في فندق لالة في طهران. لقد حضر في هذا المؤتمر عشرات المحققين ومنتجي الأفلام حيث كان أكثرهم من أمريكا والباقي من فرانسة وإنكلترا وإيطاليا وبولدنا. الموضوع الذي طرحه الأستاذ بناهيان في هذا المؤتمر الدولي هو «ما هي جذور الظلم في العالم وما هو العلاج الأساسي للقضاء عليه؟» فإليك تقرير كامل عن محاضرة الأستاذ في هذا المؤتمر:

ما هي جذور الظلم الكثير المتفشي في عالمنا اليوم؟ وكيف تقدر القوى على الظلم؟

  • لماذا حدثت هذه الأجواء الميئة بالظلم في العالم؟ لماذا نرى الصهاينة أو جهات أخرى في العالم يمارسون الظلم إلى هذا الحد؟ وأساسا لماذا تستطيع القوى أن تظلم؟ هنا بودّي أن نبحث في جذور الظلم لنصل إلى طريق حلّ جذري لإزالة الظلم من العالم.
  • لعلّ الإجابة عن هذا السؤال وهو: «لماذا نجد الصهاينة وبعض القوى العظمى يمارسون الظلم؟» هو أنّ «لهم قدرة على ذلك» ولکن مجرّد امتلاك القدرة ليست بمبرّر للظلم، إذ ليس كل قويّ يظلم ولا يمكن القول بذلك. ولو كان كذلك لانتهينا إلى طريق مسدود في حياة الإنسان. إذا كانت قاعدة هذا العالم هو أن يظلم كلّ من حصّل على قوّة ما، فلابدّ أن نقول عند ذلك لا يجوز لأحد في حياة البشر أن يحصل على قدرة.

لابدّ أن نقضي على جذور الظلم، وإلا فتذهب هذه الفئة الظالمة تأتي بعدها فئة أخرى

  • اجتماعنا في هذا المكان واستنكارنا للظلم ليس بكاف. لابدّ أن نجد جذور تبلور هذا الظلم لنستأصل جذور تبلور الظلم في العالم. وإلا فتذهب هذه الفئة الظالمة وتأتي بعدها فئة ظالمة أخرى. فلا ينال العالم البشري السعادة ما لم نستأصل جذور الظلم. إن لم نستأصل جذور الظلم قد تزول هذه الفرقة اليهودية المنحرفة أي الصهاينة الذين يحكمون العالم اليوم، ولكن تحلّ محلّها فئة مسيحية ظالمة. وإن انتهى شوطهم قد يأتي مسلمون ظالمون. إذن لابدّ من استئصال الظلم بشكل جذري.
  • الآن وفي عالمنا اليوم، قد ابتلينا بالصهاينة الذين يمارسون الظلم باستخدام بعض التعاليم اليهودية المحرّفة وغير الصحيحة. وهذا أمر ممكن للمسيحيين والمسلمين أيضا. إذن يمكن أن نفترض أن نعيش في عالم يمارس الظلم فيه على يد بعض المسلمين. ومن أبرز أمثلته هؤلاء الدواعش الذين يدّعون أنهم مسلمون ولكنهم يمارسون القتل كالصهاينة.
  • إذن قضيتنا ليست قضية أديان، بل هي قضية الظلم ولابدّ من استئصال جذور الظلم. أساسا كيف نشأ الظلم في العالم؟ أنا أريد أن أتطرق إلى الجذور التاريخية لتبلور الظلم، بل أريد أن أقف عند هذا السؤال وهو أن في المجتمع الإنساني كيف تصل القوى إلى محطّة تنطلق منها إلى ممارسة الظلم على الناس؟ كيف يستطيعون أن يظلموا الناس؟ فإننا إذا اكتشفنا جذور هذا الظلم، سوف نجد حلّا أساسيا وجذريّا له.

قبل أن ينشأ في العالم أناس صالحون و أناس سيئون، ينطوي ضمير الإنسان على نزعات حسنة ونزعات سيئة

  • من أجل الإجابة عن هذا السؤال، لابدّ لنا أن نقف قليلا عند تعريف حياة الإنسان. أساسا قبل أن ينشأ في العالم أناس صالحون وأناس سيئون، ينطوي ضمير الإنسان على نزعات حسنة ونزعات سيئة. وفي الواقع هذه النقطة هي منطلق باقي أحداث المجتمع الإنساني وظواهره.
  • فإن سيطر الإنسان على نزعاته السيئة، تنمو وتظهر نزعاته الحسنة ويصبح إنسانا صالحا بطبيعة الحال. وإن لم يسيطر الإنسان على نزعاته السيئة يصبح إنسانا سيئا. وإن هذا النزاع القائم في داخل الإنسان ناشئ من الفرق الموجود بين الإنسان وبين الملائكة والحيوانات. تكوّن الحيوان من مجموعة من النزعات الطبيعية والغرائز الجسمية ويعمل بمقتضاها. وأما الملائكة فقد انطووا على مجموعة من النزعات السامية ويتصرفون بمقتضاها. أما الإنسان هو الكائن الوحيد الذي ينطوي على فئتين ونوعين من النزعات: مجموعة من النزعات الإنسانية والرفيعة والتي تجرّ الإنسان نحو الله سبحانه، وفي مقابلها مجموعة من النزعات الرديئة الغريزية والحيوانية. فالإنسان هو الذي لابدّ له أن يختار طيلة حياته إحدى هاتين النزعتين.

خلاصة حياة الإنسان عبارة عن «إدارة النزعات»

  • إن تعريف حياة الإنسان عبارة عن كلمة واحدة وهي «إدارة النزعات». يعني كلٌّ يتعلَم في حياته كيف يحصل على رغباته، وما هي الرغبات التي يسعى لتحصيلها، وأي وسائل يستخدم لنيل رغباته.
  • إذن خرجنا بتعريفين أساسيّين عبر هذه العبارات القصيرة وهما:
  • 1ـ تعريف الإنسان: حقيقة الإنسان المحوريّة هي أنه قد خلق بنزعتين مختلفتين، ولابدّ له أن يعالج التزاحم والتعارض بين نزعتيه طيلة فترة حياته.
  • 2ـ تعريف الحياة: إن الحياة كلّها عبارة عن إدارة الأميال والنزعات.

الإنسان وفي سبيل إدارة أمياله بحاجة إلى هداية الدين

  • إذن مع وجود هذا التعارض، ما هي النزعات التي ينبغي أن نهتمّ بها، وما هي النزعات التي ينبغي أن نتخلّى عنها؟ هنا يأتي دور الدين. فإن أهمّ مهمّة الأديان الإلهية هي أن تنظّم برنامجا لإدارة النزعات. إن وظيفة الدين الرئيسة هي أن يدلّ الإنسان على النزعات السيئة والفاقدة للقيمة ليترفّع عنها، ويدلّه على النزعات الحسنة ليهتمّ بها. إن جميع الأديان الإلهيّة تحمل هذه المهمّة.
  • إنّ أخانا القسّ الذي تحدث في هذا المجلس قال: «نحن مأمورون أن نحارب الشيطان». هذه هي رسالة جميع الأديان وهي تسعى لإنجاح الإنسان في معركته في باطنه. طبعا إذا أردنا أن نحذف كلمة المعركة أو المبارزة والجهاد، فبإمكاننا أن نستبدلها بكلمة الإدارة ونقول: الإنسان وفي سبيل إدارة نزعاته ورغباته بحاجة إلى هداية الدين، وإن رسالة الإسلام ليست سوى أن تهدي الإنسان إلى أن يغضّ الطرف عن رغباته التافهة ويهتمّ برغباته القيّمة.

«مجاهدة النزعات الضعيفة» محور الحياة ومحور العبادة والسلوك الداني في نفس الوقت

  • إن كنّا لا نشتمل إلا على نزعة واحدة، مثلا لو كنا نحظى بالنزعات القيّمة فقط، لما كنّا بشرا بل كنّا كالملائكة ولما كان صلاحنا ذات قيمة. ولكننا لسنا ملائكة بل قد انطوينا على نوعين من الرغبات والنزعات. اهل الديانات والذين يريدون أن يعملوا وفق دينهم أو ضميرهم أو عقلهم، يحاولون أن يتخلوا عن النزعات الدانية وينمّوا النزعات الحميدة.
  • طبعا لا نريد أن نبالغ في مجاهدة النزعات الدانية ونعيش كالمرتاضين، فلا نريد أن نحذف من حياتنا جميع النزعات الحيوانيّة. فلا يمكن إزالة الرغبة في الطعام، ولابدّ من تلبية الكثير من نزعات حبّ الراحة، فلابدّ للإنسان من نشاط ونزهة وترفيه، ولكن من أهمّ أسس حياة الإنسان هو مجاهد النزعات الضعيفة والدنيّة. فإنّ هذا محور حياة الإنسان ومحور ديانة الإنسان.
  • وفي الواقع ليست عبادة اللّه شيئا غير غضّ الطرف عن النزعات السيّئة لتقوى رغبتنا في وجود الله. ثمّ نجدنا نعشق اللّه أكثر من غيرنا.

لا يأتي العشق إلّا عبر ترك حبّ النفس

  • لقد دعانا أخونا الكريم إلى العشق وهذا كلام صائب جدا. كما قال الإمام الباقر(ع): «هَلِ الدِّینُ إِلَّا الْحُبّ‏»[محاسن/1/263] فإذا كان كذلك نجد أنّ دعوة علماء المسيحية وأئمة المسلمين إلى شيء واحد. ولكن الكلام هو أنّه كيف يحصل هذا العشق؟ ولا يحصل هذا العشق إلّا عبر ترك حبّ النفس. ويحصل عبر ترك حبّ لذات النفس، وإلّا فلن يصبح الإنسان عاشقا.

الحضارة القائمة على «مجاهدة النزعات السيّئة» هي التي سوف تطيح بحضارة الغرب

  • إذن إدارة الأميال أو محاربة النزعات السيئة، هي برنامج الحياة على المستوى الفردي وهنا يأتي دور الدين ليعطي برنامجا لذلك. فإن استطعنا أن نحوّل هذا الأصل إلى ثقافة عامّة بين الناس ونبني حضارة تقوم أركانها على أساس مجاهدة النزعات السيئة، سوف نطيح بحضارة الغرب. لماذا؟ لأنّ حضارة الغرب قائمة على أساس أصالة الإنسان، وأكثر اهتمام «أصالة الإنسان» بالنزعات التي نسميّها بالنزعات السيئة.

من كان تابعا لنزعاته السيئة، يكون تبعا لنزعات الطواغيت السيئة أيضا

  • عندما يُدعى الناس إلى الفسق والفجور والحرية الجنسية وإلى ما أمرنا الله بتركه، فمن يمارس هذه الأعمال فإنه في الواقع يتبع هوى نفسه، وإنها لظاهرة ترتبط بالقضايا الأمنية والسياسية تماما. إذ تعرف القوى جيّدا أنه إذا كان الإنسان تابعا لنزعاته السيئة، يصبح تابعا لنزعات الطغاة السيّئة أيضا. وهذه معادلة يجب أن تعرّف للعالم.

لماذا يبالي ويهتمّ رئيس الدولة الصهيونية قاتلة الأطفال بسروال شبابنا الإيرانيين؟

  • تحدث رئيس الدّولة الصهيونيّة عام الماضي في قناة بي‌بي‌سي عن إيران. فقال: لماذا لا يسمح للشباب الإيرانيين أن يستمعوا إلى الأغاني الغربيّة ـ وأنا أعبّر عنها بالأغاني السيئة، أي الأغاني التي تسعّر غرائز الإنسان وشهواته ـ وكذلك قال: لماذا لا يسمحون للشباب الإيرانيين أن يرتدوا السروال الجينز.
  • أرجو أن تقفوا عند هذا التساؤل بتأمل وهو ما علاقة رئيس الدولة الصهيونية قاتلة الأطفال التي لديها أقوى لوبي في أمريكا وأوروبا بسروال شباب إيران؟ لماذا سراويل الشباب الإيرانيين مهمّة لديه؟ لماذا يرغب بإشاعة المثليّة في إيران وباقي بلدان العالم؟

إن ضعف الشعوب هو الذي يمكّن القوى من الظلم

  • الآن قد اقتربنا إلى جواب هذا السؤال وهو كيف تقدر القوى المستكبرة على الظلم؟ لأن الشعوب ضعيفة؛ لا لأنّ القوّة مدعاة للفساد بحد ذاتها. وبالمناسبة ليست القوّة غيرَ مفسِدة للإنسان الصالح وحسب، بل إنها مطهِّرة أيضا. حتى لدينا مَثَل في هذا المجال ونقول: «إذا جعلتم الطالب المشاغب مراقبا، يصبح أكثرهم انضباطا». وهو مثل مجرّب كثيرا. إذ من شأن المسؤولية والقوّة أن تزيد طهارة روح الإنسان.
  • فلا يمكن القول بأن القوّة أمر سيّئ مطلقا. فلو كانت سيئة، لقلنا إنه لا يزال البشر أشقياء ولن ينفكوا عن شقائهم أبدا، إذ ليس بإمكان البشر أن يحذفوا القوّة من حياتهم الاجتماعيّة. فعلى سبيل المثال لابدّ لهذه الجلسة التي اجتمعنا فيها، من مدير يتصدّى لإدارتها وتداركاتها. وبطبيعة الحال عندما يقوم بإدارة الجلسة، يحظى بشيء من القوّة ويقدر حينئذ على استخدام نفوذه بين أعضاء الجلسة.
  • إذن ماذا نفعل لأن لا تظلم القوى؟ يجب أن نقوّي الشعب ولابدّ أن يقوى الناس جميعا.

سبب خنوع المظلوم للظلم هو حبّ الراحة

  • هذه هي الصورة الدقيقة للظلم وهكذا يتحقق الظلم وهو أن يقول الظالم للمظلوم: «إذا أردت أن تعيش بيسر ورفاه، فارضَ بظلمي» وفي المقابل يرضى المظلوم لهذا الظلم طلبا للراحة. أمّا إذا نهض في هذا البين مظلوم وقال: «أنا لم أعد أحبّ الراحة بعد، وأريد أن أواجه المظلومين»، فبهذا السلوك وهذه الثقافة، سينتهي الظلم ويزول.
  • كيف يتكوّن الظلم؟ لقد ثبّت الصهاينة هذا الأصل قبل مئة عام في بروتوكولاتهم: «إن سقنا علاقة المرأة مع الرجل في العالم إلى الابتذال، وسقنا الرجال إلى شرب الخمور والفجور والقمار، سوف نسيطر عليهم». ولابدّ أن نقول أنهم قد أدركوا هذه الحقيقة جيّدا.

من أراد أن يظلم، لابدّ أن يستضعف الشعوب في بداية الأمر

  • لا تختصّ هذه القاعدة بالصهاينة، بل إذا أراد أن يمارس الظلم مسيحيّ ظالم أو مسلم ظالم أو أيّ إنسان ظالم آخر لابدّ أن يستضعف الشعوب. كيف تضعف الشعوب؟ نحن نقول: عندما تعيش بلا دين تضعف. لماذا تضعف إن ابتعدت عن الدين؟ لأن الدين عبارة عن برنامج لجهاد النفس، وهو برنامج لمجاهدة الأهواء السيئة.
  • فعندما جاهد الإنسان هوى نفسه، سيقوى على مواجهة العدوّ ويقول: «أنا أجاهد هوى نفسي، فكيف أخضع لتلبية هوى نفسك؟! أنا أخالف أهوائي، فكيف أتبع أهواءك؟!».
  • يتمّ اجتثاث جذور الظلم عبر تقوّي أفراد الناس واحدا واحدا وتقوّي المجتمعات واحدا واحدا، وإن رمز تقوّي الناس هو جهاد النفس، وبهذا الطريق سوف يعمّ العدل جميع أرجاء العالم. فعند ذلك لا يصلح لاستلام زمام القوّة إلا من جاهد هوى نفسه أكثر من جميع الناس. وسوف يصبح أسيس الناس في العالم، أفضلهم خلقا، وسوف لا يرضى الناس في أيّ بقعة من العالم أن يحصل أفراد على القوّة السياسية قبل أن يحصلوا على قوّة أخلاقيّة.

اليوم رفعوا شعار «الحرية» بدلا من «مجاهدة النزعات السيئة»

  • في عالمنا اليوم قد أميتت قيمة باسم «مجاهدة النزعات السيئة». اليوم قد رفعوا شعار «الحرية» بدلا من «مجاهدة النزعات السيئة». طبعا إن الحريّة قيمة جيّدة، أما بشرط أن تكون في خدمة جهاد النزعات السيئة. أما إذا لم تستخدم الحريّة لهذا الغرض، تتحول إلى وسيلة لاستعباد الناس واستضعافهم.
  • تقول القوى الظالمة للناس: أنتم أحرار لممارسة الفسق والفجور، كما هم يروّجون هذه الأعمال بين الناس. ثم بعد أن تمتع الناس بالحرية بهذا الشكل ومارسوا الفجور، تضعف قواهم، وبعد ما ضعفوا واتّبعوا هواهم، سيتّبعون أهواء رؤساء القوى المستكبرة أيضا.

ليست مشكلتنا هي الفئة القليلة من رأسماليّي الصهاينة، المهم هو أن نقضي على إمكان الظلم، وإلا فسوف تأتي بدلا عنهم فئة ظالمة أخرى

  • إن استحسنتم حديثي لا بأس أن تقولوا لأهل العالم: ليست مشكلتنا هي الفئة القليلة من رأسماليّي الصهاينة، فحتّى لو مضى هؤلاء، ستسود العالم فرقة أخرى من الظالمين، كما جرى التاريخ إلى الآن بهذا الشكل. ليست مشكلتنا اليوم هي استغلال شعار حقوق الإنسان من أجل الظلم. إذ كان الطغاة قبل هذا يمارسون الظلم بأدواة وذرائع أخرى. فعلى سبيل المثال في أوروبّا قبل النهضة كانوا يتسلطون على الناس ويظلمونهم باسم الدين.
  • كما في مجتمعاتنا الإسلامية، نرى الداعشيين يمارسون الظلم ويقطعون الرؤوس تحت عناوين دينية. فيمكن أن يستخدم الدين أو تستخدم التقنية أو القوّات العسكرية أو الثروة لممارسة الظلم. فالمهمّ هو أن نقضي على إمكان الظلم. عند ذلك سوف لا يقوى على الظلم والاستمرار به أحد، سواء أكان ظلمه بأداة الدين أو ظلمهم باستخدام التقنية أو بأدوات أخرى كالاقتصاد والثروة وأمثال ذلك.

من أجل محو إمكان الظلم، لابدّ للشعوب أن يغيّروا ثقافتهم وأسلوب حياتهم  

  • من أجل محو إمكان الظلم، لابدّ للشعوب أن يغيّروا ثقافتهم وأسلوب حياتهم، لابدّ أن تتغيّر القيم لدى أنظار الشباب ويجب أن يستحيي الشابّ بعد البلوغ أو بعد إكمال العشرين، من كلمة «هکذا يعجنبي». ينبغي للشابّ أن يقول: «هکذا يعجبني» كلمة قبيحة، وغير إنسانيّة، إذ لست بحيوان لأفعل ما يعجبني.
  • قال الإمام الصادق(ع): أدّبوا أولادكم بين السابعة والرابعة عشر من عمره. «دَعِ ابْنَکَ یَلْعَبْ سَبْعَ سِنِینَ وَ یُؤَدَّبُ سَبْعاً وَ الْزِمْهُ نَفْسَکَ سَبْعَ سِنِینَ فَإِنْ فَلَحَ وَ إِلَّا فَلَا خَیْرَ فِیه‏» [مکارم الأخلاق طبرسی/222] و «أَمْهِلْ صَبِیَّکَ حَتَّى یَأْتِیَ لَهُ سِتُّ سِنِینَ ثُمَّ ضُمَّهُ إِلَیْكَ سَبْعَ سِنِینَ فَأَدِّبْهُ بِأَدَبِكَ فَإِنْ قَبِلَ وَ صَلَحَ وَ إِلَّا فَخَلِّ عَنْهُ» [الکافي/6/47] يعني في هذه السنين لابدّ أن يتصرّف على أساس برنامج، لا أن يتصرّف بما يشاء. طبعا لا يعني أن نحوّل البيت والمدرسة إلى سجن لتعذيب للأطفال والطلّاب، ولكن يجب تعليم الطفل بعد اجتياز سبعة سنين على مجاهدة أهواء النفس والنزعات السيّئة و «حبّ الراحة» في الدرجة الأولى و «طلب اللذّة المضرّة» في الدرجة الثانية.
  • القويّ هو الذي يقوى على مجاهدة نزعاته والتغلّب على هوى نفسه. وهذه هي تعاليم جميع الأديان الإلهيّة وهو كلام النبيّ الأعظم(ص). «خَرَجَ ص یَوْماً وَ قَوْمٌ یَدْحُونَ حَجَراً فَقَالَ أَشَدُّکُمْ مَنْ مَلَكَ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ وَ أَحْمَلُکُمْ مَنْ عَفَا بَعْدَ الْمَقْدُرَة» [تحف‌العقول/ص45]

نحن أمام أيّ منعطف تاريخي؟

  • لقد قال سماحة السيد القائد: «نحن في منعطف تاريخي، وأصبح العالم يتحوّل» [مؤتمر قمّة عدم الانحياز، 30/8/2012] تحليل عن هذا المنعطف التاريخي هو أن الحضارة القائمة على أساس هوى النفس، بدأت تعطي مكانها للحضارة القائمة على جهاد النفس. اتباع هوى النفس يعني أن يلبّي الإنسان نزعاته التي لا قيمة لها، وجهاد هوى النفس يعني أن يلبّي الإنسان نزعاته السامية والرفيعة، لا نزعاته السيئة والضعيفة التي لا قيمة لها.

أحيانا يتخبّأ هوى نفس الإنسان خلف عمل صالح

  • طبعا إن الحديث عن جهاد النفس حديث ذو شجون، ولا يقتصر على جهاد الإنسان لأهوائه السيئة. فعلى سبيل المثال ليس فقط أن يكون الإنسان راغبا بشرب الخمر، ثم نمنعه عن تعاطيه! أو يرغب إنسان بممارسة الفجور فننهاه عن ذلك وينتهي الموضوع، بل إنه أوسع من هذا المستوى. فالإنسان المتديّن الصالح الذي لا يرتكب شيئا من هذه الآثام والأعمال السيئة وراغب في العبادة إلى حدّ كبير وأهمل رغباته السيئة، لا يتصور أنّ عمليّة جهاد النزعات السيئة قد انتهت بالنسبة إليه، فإنه لا يزال في أوّل المطاف. فعلى سبيل المثال قد يكون راغبا في العبادة، وكان قد انطلق بلهفة إلى المسجد أو الكنيسة، وإذا بفقير يواجهه في الطريق ويقول له: «الیوم ساعدني بدلا من الذهاب إلى المسجد». فينبغي لهذا الرجل الصالح أن يخالف رغبته وهي الذهاب إلى المسجد أو الكنيسة. يعني يجب أن يضحّي برغبته في الذهاب إلى المسجد ويساعد الفقير. أمّا إذا قال للفقير «أنا الآن أرغب في الذهاب إلى المسجد، ولا أقوم بسماعدتك حتى وإن كان أهمّ من ذهابي إلى المسجد» فهذا يعني أنّه لم يجاهد هوى نفسه.
  • كان نبي الله إبراهيم(ع) يحبّ ولده إسماعيل. فهل كان حبّ ولد مثل إسماعيل حبّا سيئا؟ فلا شك في أنه ليس كذلك إذ كان إسماعيل(ع) إنسانا صالحا جدّا. ولكن أتاه أمر من الله أن ضحِّ ابنك وتجاوز عن ولدك الصالح. إذ أحيانا تتجلى أهواء النفس في أن يتخبأ الإنسان خلف عمل صالح ويلبي أنانيّته عن هذا الطريق.
  • تنطلق مجاهدة النفس من مجاهدة الرغبات السيئة، وتنتهي إلى مجاهدة الرغبات الحسنة التي لا أولويّة لها. لذلك فنحن أمام هذا الامتحان الإلهي في كلّ زمان. يجب علينا جميعا في ساعة ما أن نضحّي بإسماعيلنا وهذه حركة مستمرة إلى آخر عمرنا فلا تتوقف حركة تكامل الإنسان.
  • كان النبيّ إبراهيم(ع) قد تجاوز عن جميع رغباته السيئة، فوجب عليه بعد ذلك أن يتجاوز عن رغباته الحسنة أيضا ويضحّي بنفسه. وهكذا تتبلور روح التضحية في الإنسان.

يجب التشهير بجذور الظلم إلى جانب التشهير بالظلم نفسه

  • إلى جانب جميع هذه النشاطات التي تمارس للتشهير بالظلم وهذا ما قام به اليوم جميع الأساتذة والإخوة الأعزاء من وحي حبّ الإنسان ومن أجل إنقاذ البشر، ولكن أنا آمل أن يقوم هؤلاء وآخرون من الناشطين بالتشهير بجذور الظلم أيضا. عند ذلك يجاهد الناس أهواءهم على أساس برنامجهم الديني ويصبحون أناسا أقوياء، فإذا أصبح الناس أقوياء لا يقدر عليهم بعد طاغوت طالب للسلطة. 

تعليق