الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۹۵/۰۵/۰۲ چاپ
 

الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني (الجلسة الواحدة والعشرين)

إليك ملخّص الجلسة الواحدة والعشرين من سلسلة محاضرات سماحة الشيخ بناهيان في موضوع «الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني» حيث ألقاها في ليالي شهر رمضان المبارك عام 1434هـ. في مسجد الإمام الصادق(ع) في مدينة طهران.

A4|A5 :pdf

جواب الله لبعض عبّاد بني إسرائيل

  • إن شهر رمضان شهر المغفرة، كما قال رسول الله(ص): «فَإِنَّ الشَّقِيَ‏ مَنْ‏ حُرِمَ‏ غُفْرَانَ اللَّهِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْعَظِيم» [الأمالي للصدوق/ص93]. فيودّ الجميع أن ينتهزوا أيام هذا الشهر ولياليه ليحصلوا على الحدّ الأقصى من فوائده وبركاته. فإن حُرم استجابةَ اللّه أحدٌ من الناس، لا يهتدي بعدُ إلى طريق نجاةٍ بسهولة. فمن أجل ازدياد استفادتنا من هذا الشهر العظيم، ومن أجل أن نزداد شعورا بأهمية هذا الطريق الذي يجب أن نسلكه، أرجوا أن تلتفتوا إلى هذه الرواية:
  • قال الإمام الصادق(ع): «إِنَّ حَبْراً مِنْ أَحْبَارِ بَنِي إِسْرَائِیلَ عَبَدَ اللَّهَ حَتَّى صَارَ مِثْلَ الْخِلَالِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِیَائِهِ فِي زَمَانِهِ قُلْ لَهُ وَ عِزَّتي وَ جَلَالِي وَ جَبَرُوتِي لَوْ أَنَّكَ عَبَدْتَنِي حَتَّى تَذُوبَ کَمَا تَذُوبُ الْأَلْیَةُ فِي الْقِدْرِ مَا قَبِلْتُ مِنْكَ حَتَّى تَأْتِیَنِي مِنَ الْبَابِ الَّذِی أَمَرْتُكَ» [ثواب الأعمال وعقاب الأعمال/ ص203]
  • وكذلك روي عن الإمام الصادق(ع): «مَرَّ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ ع بِرَجُلٍ وَ هُوَ رَافِعٌ یَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ یَدْعُو اللَّهَ فَانْطَلَقَ مُوسَى فِی حَاجَتِهِ فَبَاتَ سَبْعَةَ أَیَّامٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَیْهِ وَ هُوَ رَافِعٌ یَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ یَا رَبِّ هَذَا عَبْدُكَ رَافِعٌ یَدَیْهِ إِلَیْكَ یَسْأَلُكَ حَاجَتَهُ وَ یَسْأَلُكَ الْمَغْفِرَةَ مُنْذُ سَبْعَةِ أَیَّامٍ لَا تَسْتَجِیبُ لَهُ قَالَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَیْهِ یَا مُوسَى لَوْ دَعَانِي حَتَّى یَسْقُطَ یَدَاهُ أَوْ یَنْقَطِعَ لِسَانُهُ مَا اسْتَجَبْتُ لَهُ حَتَّى یَأْتِیَنِی مِنَ الْبَابِ الَّذِی أَمَرْتُه» [المحاسن/ج1/ص224]
  • فما هذا الباب الذي يجب أن نعبد الله عن طريقه، وإلا فلن تجدي عبادتنا نفعا مهما تعبّدنا؟ وليت شعري ماذا وأين هذا الباب الذي مهما عملتَ واستغفرت لن ينظر إليك أحد، ولكنك إن جئت من هذا الباب سوف يغفر الله لك بأدنى عمل؟! لابدّ لنا أن نقرّ بكلتا الحقيقتين وهذا ما يحتاج إلى دقّة من جانب وإلى صفاء الباطن من جانب آخر.

الإمام الصادق(ع): ذلل نفسك باحتمال من خالفك ممن هو فوقك

  • يقول الإمام الصادق(ع): «ذَلِّلْ نَفْسَكَ بِاحْتِمَالِ مَنْ خَالَفَكَ مِمَّنْ هُوَ فَوْقَكَ وَ مَنْ لَهُ الْفَضْلُ عَلَیْكَ فَإِنَّمَا أَقْرَرْتَ بِفَضْلِهِ لِئَلَّا تُخَالِفَهُ» [الكافي/ج15/ص554]. يمكن أن يكون هذا الأعلى و «من هو فوقك» هو الأب والأم في البيت، أو الضابط في المعسكر، أو الرئيس في الدائرة. طبعا من المعلوم أن امتثال أمر الأعلى مشروط بأن لا یخالف أمرُه أمرَ الله. وقد جاء هذا الشرط في القرآن بعد ما أمر بالإحسان بالوالدين. [راجع العنكبوت/8 واللقمان/15]

لابد أن نذلّ أنفسنا للّه بجهاد النفس

  • في سبيل أن ننال المقام الذي خلقنا من أجله، لابدّ أن تذِلّ أنفسنا، ولا طريق إلى إذلال النفس سوى مجاهدتها ومخالفتها. إن جهاد النفس ومخالفتها يقتضي وجود أمرِ من هو فوقنا. وهذا هو «الطريق الوحيد» الذي تحدّثنا عنه في هذه الجلسات الماضية، کما أن الإنسان مجبور على مجاهدة نفسه شاء أم أبى. ولكن لابدّ للإنسان أن يجاهد هوى نفسه ليذلّ لله سبحانه ويصل إليه. لا يمكن للإنسان المتكبّر أن يصل إلى الله ما دام متكبرا. فإن طريق الوصول إلى الله هو التذلّل، يعني أن يقضي الإنسان على أنانيّته ليستطيع السير نحو الله عز وجل.
  • ولكن يبدو أنه إذا تركت النفسُ مع ربّها، فسيعتريها العجب والغرور شيئا فشيئا، ثم ترى أنها ذو مقام وشأن رفيع، فلم تعد ذليلة مقهورة، ولم تزُل «الأنا» في مقابل الله. لذلك قد لا تحصل حالة الذلّ والخشوع في مقابل الله عبر العلاقة المباشرة مع الله. إن حبط عمل إبليس الذي قد عبد الله ستة آلاف سنة ينبئ بأننا حتى وإن عبدنا اللّه ستّة آلاف سنة بشكل مباشر، مع ذلك قد لم تذل أنفسنا لله بهذه العبادة.

أهمية الذلّ لله

  • في موضوع أهمية ذلّ النفس للّه، حري بالإشارة إلى الحديث المروي عن الإمام الباقر(ع) حيث قال: «أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى مُوسَى ع أَنْ یَا مُوسَى أَ تَدْرِي لِمَ اصْطَفَیْتُكَ بِکَلَامِی دُونَ خَلْقِي قَالَ یَا رَبِّ وَ لِمَ ذَاكَ قَالَ فَأَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلَیْهِ أَنْ یَا مُوسَى إِنِّي قَلَّبْتُ عِبَادِي ظَهْراً لِبَطْنٍ فَلَمْ أَجِدْ فِیهِمْ أَحَداً أَذَلَّ لِي نَفْساً مِنْكَ یَا مُوسَى إِنَّكَ إِذَا صَلَّیْتَ وَضَعْتَ خَدَّكَ عَلَى التُّرَابِ» [الكافي/ج2/ص123].

طريق الذل لله هو الإقرار بأفضليّة ولي الله

  • ما هو الطريق؟ إذا ما أردت أن تجد إلى اللّه المتكبّر سبيلا، فلابدّ لك من التذلّل. هذه هي فلسفة جهاد النفس وهي أن تلوي عنق نفسك. ولكنك إن عمدت إلى إرغام نفسك، يأت الله إليك بوليّه ويفرض عليك أن تقرّ بكونه أفضل منك. ومضافا إلى الإقرار بأفضلية ولي الله عليك، لابدّ لك أن تستلم أوامر الله عن طريقه، وأن تخضع لأوامره الخاصّة أيضا كما تخضع لأوامر الله.
  • إن هذه الأحاديث القدسية التي مرّت عليكم والتي تنقل عن الله أنه لا يقبل عبادة العابد وتوبة التائب مهما حاول وسعى وحتى لو ذاب كذوب الشحم في القدر أو كسرت يداه وقطع لسانه ما لم يأت الله من الباب الذي أمره، هذا الباب هو باب الولاية التي يجب أن نستلم أحكام الله عن طريقه. 

سبب هلاك إبليس هو الكبر على وليّ الله/ سبب غفران آدم(ع)، التواضع لولي الله

  • قال الإمام الحسن العسكري(ع) عن النبي الأعظم(ص): «عَصَى اللَّهَ إِبْلِیسُ، فَهَلَكَ لِمَا کَانَ مَعْصِیَتُهُ بِالْکِبْرِ عَلَى آدَمَ وَ عَصَى اللَّهَ آدَمُ بِأَکْلِ الشَّجَرَةِ، فَسَلِمَ وَ لَمْ یَهْلِكْ لِمَا لَمْ یُقَارِنْ بِمَعْصِیَتِهِ التَّکَبُّرَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ، وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لَهُ: «یَا آدَمُ عَصَانِي فِیكَ إِبْلِیسُ، وَ تَکَبَّرَ عَلَیْكَ فَهَلَكَ، وَ لَوْ تَوَاضَعَ لَكَ بِأَمْرِی، وَ عَظَّمَ عِزَّ جَلَالِي لَأَفْلَحَ کُلَّ الْفَلَاحِ کَمَا أَفْلَحْتَ، وَ أَنْتَ عَصَیْتَنِي بِأَکْلِ الشَّجَرَةِ، وَ بِالتَّوَاضُعِ لِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ تُفْلِحُ کُلَّ الْفَلَاحِ» [الاحتجاج للطبرسي/1/53].

إن ليلة القدر هي ليلة الاعتذار من الإمام صاحب الزمان(عج)

  • إن ليلة القدر، هي ليلة الاعتذار من الإمام صاحب الزمان(عج) وقبول توبتنا مشروط بجلب رضا الإمام الحجة(عج). نحن نعتقد أن في ليلة القدر تسلّم صحف أعمالنا إلى الإمام صاحب الزمان(عج)، كما تسلّم الصحف إلى أمير المؤمنين(ع) يوم القيامة.  فقد قال النبي(ص) لأصحابه: «آمِنُوا بِلَیْلَةِ الْقَدْرِ إِنَّهَا تَکُونُ- لِعَلِیِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ لِوُلْدِهِ الْأَحَدَ عَشَرَ مِنْ بَعْدِي‏» [الكافي/ج1/ص533]

إذا كان الخوض في الشهوات قبيح، فإن الصلاة بلا ولاية قبيحة أيضا

  • إذا كان الخوض في الشهوات والفسق والفجور قبيح لكون الإنسان المنحدر في هاوية الشهوات يعمل بما يحب، كذلك الصلاة قبيحة بلا ولاية، لأنها تعبّر عن عبادة منسجمة مع هوى الإنسان المتكبّر على ولي الله. وحري بالذكر أن قد ارتكب المصلّون بلا ولاية جرائم لم يرتكبها حتى الكفّار. لقد التزم الكفّار والمشركون ببعض الأصول والقيم في تعاملهم مع سبايا المسلمين، ولكن تعالوا إلى كربلاء لتروا المصلّين الذين جرّدوا دينهم عن الولاية فلم توقفهم أي قيمة وأي حرمة في ارتكاب الجرائم على أطفال الحسين(ع) فضلا عن الكبار.

ألا لعنة الله على القوم الظالمين

 

تعليق