الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۹۴/۰۱/۱۸ چاپ
 

بقلم سماحة الأستاذ بناهيان بمناسبة 1 نيسان

نشر سماحة الأستاذ بناهيان مقالا بمناسبة 1 نيسان (يوم الجمهورية الإسلامية في إيران) في موقع البيان المعنوي، فإليك نصّه:

بسم الله الرحمن الرحيم

A4|A5 :pdf

الجمهورية الإسلامية، فرع إيراني لثورة الإسلام العالميّة

مبارك علينا ذكرى ترسيخ فسيلة من شجرة ثورة الإسلام العالميّة في إيران. إن فسيلة «الجمهوريّة الإسلامية» هي في الواقع غصن إيراني للشجرة الطيبة المتمثّلة بثورة الإسلام العالميّة التي لها قِدَم مماثل لتاريخ مجد الإسلام؛ الثورة التي كان انطلاقها من مكّة المكرّمة والتي مهّد لها جميع الأنبياء. لقد زرعت بذور هذه الشجرة الطيبة بجانب عين زمزم وعلى يد النبي الأكرم(ص) الطاهرة. ثم قمعت في مكّة فاعتلى رأسها في المدينة، ثم اضطهدت في المدينة فنالت القوّة في الكوفة. ثم عمدت أيدي الغدر في الكوفة إلى دفنها وإذا بها نهضت في كربلاء. ثم انهالوا عليها في كربلاء وشحطّوها بالدماء ليقلعوا أصولها، وإذا بها امتدّت بجذورها في جميع أنحاء الأرض وصارت خالدة تأبى الفناء. إلى أن تجلّت في زماننا هذا في 11 شباط 1979 فازدهرت بها أرض بلادنا. نحن قد اقتطفنا غصنا باسم «الجمهورية الإسلامية في إيران» من هذه الشجرة الطيبة الرفيعة، ثم زرعناه كفسيلة لنعيش تحت ظلّها.

إذن يجب أن ننسب أنفسنا إلى هذه الفسيلة المباركة بدلا من أن ننسبها إلينا. فقد قال الإمام الخميني (ره): «كلّنا وما لدينا هو تحت كنف الإسلام. نحن بحذ ذاتنا لسنا بشيء، ولا شيء موجود سوى الإسلام. ونحن إن كنّا شيئا فذلك في ظلّ الإسلام». [صحيفة الإمام/ ج9/ص477]. منذ اليوم الأوّل كان معلوما أن هذه الثورة تمتدّ جذورها في أعماق التاريخ، ولن يقتصر امتداد غصونها بحدودنا الجغرافية، فقد كانت شعاراتها عالميّة وجذورها ممتدّة في أعماق التاريخ وفي أرض المنطقة كلّها. منذ سنين ويوجّه أعداء الإسلام لجذع هذه الشجرة ضربات قاضية ليقطعوها ويكسروا أغصانها ولا يمتدّ ظلّها إلى جيراننا. ولكننا نرى أن قد امتدّت هذه الشجرة بأغصانها حتى أخذت تظلل على جميع المنطقة وتجود بثمارها على أهلها. وبتعبير أحرى، أنبتت هذه الشجرة من جذورها فسائل جديدة وقويّة في مختلف أنحاء إقليمنا الإسلامي. إن المقاومة من ثمار هذه الثورة، والصحوة الإسلامية ثمرة أخرى لها. وأخيرا قوّة المظلومين في مواجهة الظالمين هي من براعم هذه الشجرة التي نبتت اليوم في أرض اليمن أكثر من أي مكان آخر. وسوف تعمّ هذه الثورة العالمَ بأسره، إذ قد امتدّت جذورها في تربة الناس وطينتهم، وسوف تصبح منطقتنا الإسلاميّة مشتلا لتصدير فسائلها إلى جميع أنحاء العالم. ويأتي اليوم الذي يُدعى فيه الثوريّون جميعا إل مكّة، أي مسقط رأس هذه الثورة، ولا يُدرى فلعلّ الشعب اليمني الثوري بدأ يستعدّ للحضور في مكّة.

وكذلك يجب أن نعرف أن حياة نظامنا في إيران مرهون بعدم انفكاكه عن أصله أي «الثورة الإسلاميّة». فأين ما انطلقت الجمهورية الإسلامية من مبادئ الثورة في سلوكها وتشكيلاتها، صحبها النجاح والتوفيق، وأين ما اتجهت ـ كسائر الأنظمة غير الثوريّة ـ إلى القيم غير الإسلامية خابت وفشلت كباقي الأنظمة غير الإنسانيّة في العالم. يتوهّم البعض أن الثورة عصيّة على الطابع المؤسّسي ويعتبرونها ظاهرة سيّالةً عابرة لا يمكن صياغتها في قالب التشكيلات الاجتماعية الثابتة. إن نظرة هؤلاء إلى الثورة نظرة سطحيّة ولا يعتبرونها إلا صخبا؛ لا تحوّلا في نظام قيم المجتمع التي يجب أن تشکّل هيكليّته على أساسها. فإمّا قد حصر هؤلاء أنفسهم في نطاق ضيّق متمثل بعدّة نماذج من المؤسسات والتشكيلات الاجتماعية، وأقالوا أنفسهم عن التفكير والابتكار، وإمّا قد بُهروا بهيمنة الحضارة الغربية الخاوية، فلا يتنبّهون إلّا بعد اضمحلال حضارة الغرب. بينما فلسفة الجمهورية الإسلامية هي صبّ الإسلام الثوري في طابع مؤسسي في المجتمع.

أولئك الذين يفسرون الثورة بالتمرّد، يفضّلون أن يكون المشرّعون ومنفذو القانون مخالفين للثورة. وقد انتشرت هذه الرؤية بين بعض الثوريّين القدامى. فإنهم يزعمون أن الثورة كانت جيّدة لتدمير النظام الطاغوتي، لا لتأسيس «الاستقرار الاجتماعي». ويزعمون أن من مقتضيات العقلانية هو الابتعاد عن الثوريّة، ولذلك فهم يبرّرون منطق مخالفي الثورة في إدارة المجتمع. مع أنه لم يكن النظام الطاغوتي شيئا سوى هذه العقلانية الخاوية التي يدّعيها الغربيّون.

على جميع المتغربّين الذين قد خاست أفكارهم أن ينظروا إلى جرائم الغرب في حق البشرية، لعلهم يلتفتون إلى أصول هذه الجرائم. أليست العقلانيّة المزوّرة المواجهة للقيم الثورية منشأ كل هذه الجرائم؟ ألم تتمخض الديمقراطية وشعارات حقوق الإنسان عن كل هذه الجرائم بحقّ البشر؟ إلّا أن يعتقد هؤلاء بعدم نجاح الغرب في تحقيق شعارات الديمقراطيّة وحقوق الإنسان جيّدا؟! فقد كان هذا زعم هواة الماركسيّة في أوائل الثورة. فعندما كنّا نتحدّث معهم عن مشاكل البلدان الشيوعيّة وجرائمهم، كانوا يقولون: لم تستطع  هذه البلدان أن تطبّق الماركسيّة جيّدا! فليت شعري أين أخفق الغربيّون في تطبيق شعارات الديمقراطيّة وحقوق الإنسان حتى راق لهم ارتكاب هذا الكمّ الهائل من الجرائم والمجازر؟ فهل يعسر علينا إدراك هذه الحقيقة وهي أن أساس هذه الشعارات كانت دجلا وخداعا لنهب الشعوب؟!

لابدّ من إثبات حقّانية شعارات الثورة في نظام الجمهورية الإسلامية ومؤسساتها، لكي ينجو العالم من زعم انحصار طرق حركة البشر في طريق الغي الذي صنعه الغرب لأهل العالم. إن «الجمهورية الإسلامية» هي مؤسسة ثوريّة من الأساس ولا يكفي كون رجال هذا النظام من المشرّعين والمنفذّين مؤمنين بثورة 79م وحسب، ولكنّهم يستلهمون الأساليب والمناهج في تصميم الأنظمة الثقافية والاجتماعية والحقوقية من أعداء الثورة.

علي رضا بناهيان

1 نيسان 2015  

تعليق