الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۹۸/۰۳/۱۱ چاپ
 

ما هو الذنب؟.. كيف تكون التوبة؟ (المحاضرة7)

لماذا يحزن صاحب البرنامج إذا "أذنب"؟/ الذنب هو الخطأ الحاصل أثناء تنفيذ البرنامج/ الشخص الغريب عن المَنهجة لا تتقبّل روحُه التدينَ/ تقبُّل منهجة الحياة ورسم الخطط لها هو من لوازم التهذيب وبناء النفس

  • المكان: طهران، مسجد الإمام الصادق(ع)
  • الزمان: 12/أيار/2019 ـ 06/رمضان/1440
  • الموضوع: ماهو الذنب؟.. كيف تكون التوبة؟
  • A4|A5 :pdf

إن لم يعمل كادر المدرسة على تنشئة التلاميذ على التخطيط ومنهجة الحياة وكان تحمّل التلاميذ لتقبّل المنهجة منخفضاً، وحصلوا على شهادة الثانوية دون أن يُتقنوا برمجة حياتهم فهذه المدرسة غير إسلامية مهما علّموهم فيها من القرآن والحديث والدعاء!.. كونوا على ثقة.

يمكن للمراقبة في سبيل ترك المعصية أن تشكل محور تسلية في حياتنا!

  • من أجل أن يقتنع المرء بأصل التدين، وهو "ترك المعصية"، لا بد له من اجتياز مراحل ليزداد إيمانه بضرورة ترك المعصية، ويصبح تركها سهلاً، بل وتغدو المراقبة المتواصلة في سبيل الكف عن المعاصي ممتعة له حتى تمسي هذه المراقبة تسليتَه في حياته.
  • فإن أحب شخص أن يقتنع بترك الذنب وأن يكون هذا الأمر سهلاً وممتعاً بالنسبة له إلى درجة أن يصبح محور تسليته وأساس اهتماماته فمن أين عليه البدء؟ وما المراحل التي يتحتم عليه تخطّيها؟

الاقتناع بالحياة المُمَنهجة يمهد لتقبّل التديّن وترك المعصية

  • كما تَقدَّم فإن الخطوة الأولى نحو الاقتناع بالتدين وترك المعصية هي أن نُقنع أنفسنا بالحياة المُمَنهجة، فإن من الوجوه الأصيلة جداً للتدين هو اقتناع الإنسان بالعيش وفق برنامج ومنهاج، وإنّ القبول بالعيش المُمَنهج يمهّد للاقتناع بالتدين ونبذ الخطيئة.
  • حينما تقول لأحدهم: "إياك ونظرة الحرام" عليك أن تنتبه: إلى مَن توجِّه كلامك هذا؟ إنّ عليك أن توجّهه لشخص قد وضع برنامجاً لنظراته؛ أي إنه على استعداد لأن تكون لنظراته خطة ومنهاج! فمن الواضح أنك إذا خاطبت شخصاً لا استعداد له لوضع برنامج لنظراته قائلاً: "إياك ونظرة الحرام" فسيشُقُّ عليه ذلك، بل وقد يسخر منك، أو حتى يشتمُك!
  • فالفتاة التي لا تشاء شخصياً وضعَ برنامج لأي شيء في حياتها، بما في ذلك زيّها، كيف تريد أن تقنعها "بالحجاب"؟! فإنك حين تنصحها بالحجاب دون مقدمات، سيصعب عليها ذلك وتظنك مصدر إزعاج لها! إذن عليك أن تسألها أولاً: ألَكِ برنامج لحياتك؟ وفق أيّ مبادئ وضعتِ برنامجكِ هذا؟

علَيَّ أن أُقنع نفسي بأنه: "هل أريد العيش وفق برنامج؟"

  • ما يؤسَف له هو أن فهم الناس للدين خاطئ، فهم لا يدركون أنهم إذا أرادوا ترغيب شخص بالتديّن فإن عليهم أولاً أن يعلّموه مهارة أن يعيش وفق برنامج، والنتيجة هي أن أغلب المثقفين باتوا يكرهون الدين!
  • علينا إقحام قضية مَنهجة الحياة في أنفسنا، وفي برامجنا التربوية، وفي ثقافتنا على حد سواء، وهذه هي الخطوة الأولى على طريق تقبّلنا للدين.
  • ينبغي أن نقنع أنفسنا بأنه: "هل أريد أن أصبح شخصاً يعيش وفق برنامج أم لا؟" وما معنى العيش من دون برنامج؟ هو أن يأتي المرء لربما بكل الأعمال الصالحة، لكن استجابةً لمؤثر خارجي! العيش دون منهاج وخطة يؤدي بالإنسان إلى الملل، ويخفض مستوى استمتاعه بحياته، ويضَئِّل روحه وعقله.

التعاليم الدينية كلها هي غالباً وفق برنامج؛ فلها زمان وآداب

  • مدى تأكيد الدين على قضية المنهجة واضح، فتعاليم الدين كلها هي غالباً وفق برنامج خاص؛ فلها زمان معين، وساعة خاصة، ولها أسلوب، ولها آداب! حتى في المسائل المالية فإن على المتدين أن يخطط تخطيطاً دقيقاً؛ فعليه أن يحسب إيراداته ونفقاته ويجعل لسنته حساباً. فإن شئت أن تصبح متديناً تحتّم عليك أن تهيئ لنفسك دفتر حساب!
  • إن لم يعمل كادر المدرسة على تنشئة التلاميذ على "التخطيط ومنهَجَة الحياة" وكان تحمّل التلاميذ لتقبّل المنهجة منخفضاً، وحصلوا على شهادة الثانوية دون أن يُتقنوا برمجة حياتهم فهذه المدرسة غير إسلامية مهما علّموهم فيها من القرآن والحديث والدعاء!.. كونوا على ثقة.

الشخص الغريب عن التخطيط والمَنَهجة لا تتقبّل روحُه التديّن!

  • الشخص الذي لم يفلح في برمجة حياته علينا أن نشك في صلاته حتى إذا صلّى! إذ من غير المعلوم أنه وفق أي منطلقات يصلّي؟ فشخص كهذا لم يستطع أن يجعل لروحه نظاماً، ولذا من المحتمل أن يفر يوماً ما من الدين كفرار النابض الحلزوني المضغوط إذا تُرك لحال سبيله؛ ذلك أن روحه لم تتأهب بعد للتدين، وأنه – أساساً – ليس إنساناً منظّماً.. إنه لا يتقبّل منهجة الحياة، بل ويفرّ منها.
  • الشخص الذي لا يتقبّل برمجة حياته سوف لا يستمتع باللحظات الذي يقضّيها وفق برنامج. فمثلاً في اليوم الذي يخطط له جيداً وينجز جميع خططه حتى آخرها على أتم وجه، لا يأنس بذلك لكي يقول: "ممتاز! لقد أنجزتُ اليوم كل أعمالي وفق برنامج!" وإن الشخصية الغريبة إلى هذا الحد عن التخطيط والمنهجة والتي لا تجد متعة في برمجة الحياة لا تنفع للتدين! فالدين هو لأهل المنهجة في الحياة.

الخطوة الأولى على طريق مخالفة الهوى هي "منهجة الحياة"

  • ارتقاء إيمان الإنسان يتطلب تنقية روحه من الهوى، والهوى – من وجه من الوجوه – هو غياب منهجة الحياة! أي "أن أفعل ما يحلو لي متى شئت"، وإنّ مخالفة الهوى هي أن أعيش حياتي وفق برنامج ومنهاج. هذه هي الخطوة الأولى.
  • التمرّس على العيش وفق برنامج يستغرق وقتاً طويلاً بعض الشيء، والفترة من السابعة حتى الرابعة عشرة هي أفضل فترة لتحويل الطفل إلى إنسان يعيش وفق منهاج، وهو إن أصبح هكذا فسيصبح أيضاً ذا تقوى إن شاء الله. وتحوّل الصبي من السابعة حتى الرابعة عشرة إلى شخص مُمَنهج قد عبّرَت عنه الروايات "بالتأدّب".

حسب علم النفس يفتش الطفل منذ السابعة عن أوامر ومنهاج

  • واللافت هو أن الصبي ما بين السابعة والرابعة عشرة يحب أن يكون له برنامج، بالطبع إذا كان الولد سليماً وكان قد تلقّى في أعوامه السبعة الأولى القدر الكافي من المحبة وتصرّف على هواه بقدر جيد. فالولد في أعوامه السبعة الأولى، حسب الرواية، سيد؛ أي يصنع ما يطيب له صنعه، وعلى أبويه أن يسمعا له ويُطيعا: «الْوَلَدُ سَيِّدٌ سَبْعَ سِنِينَ وَعَبْدٌ سَبْعَ سِنِينَ وَوَزِيرٌ سَبْعَ سِنِين» (وسائل الشيعة/ ج21/ ص476).
  • فإن كبرَ الولد في السبعة الأولى على هذا المنوال فسيمَلّ بعدها فِعْلَ كل ما يَلَذّ له ولذا حتى علم النفس يقول: سيبدأ منذ السابعة بالتفتيش عن أوامر ومنهج ينتهجه، وسيطيب له ذلك. بل إنك، في الحقيقة، ستخونه إن لم تزوّده بخطة عمل وتعليمات.
  • وإذا سُئل الصبي الذّكَر في هذه المرحلة العمرية عما يحب أن يكون في المستقبل فإنه عادةً ما يختار المِهَن التي فيها نظام وانضباط قائلاً: "أريد أن أكون شرطياً، أو طياراً، ..الخ"؛ أي إنه يفضّل المِهَن التي تُرتدَى فيها بِزّة رسمية، وفيها آداب وتعاليم خاصة.

تقبُّل الإنسان خضوعه لبرنامج ومن ثم "برمجته هو لحياته" ضروري لعملية التربية وبناء الذات

  • تقبُّل الإنسان خضوعَه لبرنامج ومن ثم "برمجته هو لحياته" ضروري جداً للعملية التربوية. حتى في قضية بناء الذات فمن أجل أن تنجح فيما بعد في الإقلاع عن المعصية وزيادة محبتك لربك حاول أن تُخضِع حياتَك كلها لمنهاج معيّن، وتُقحم النظام فيها وعندها سترى أن حالك الروحانية قد ارتقت. لا تضجر من النظام... لا تكن منظَّماً طمعاً في التشجيع أو مخافة العقوبة... أو بسبب ضغط جهاز تسجيل الحضور والانصراف أو ضغط العمل. فالذي يدرس من أجل العلامة الامتحانية هو شخص واقع تحت مؤثر خارجي، وليس شخصاً صاحب منهاج! فهو وإن كان في الظاهر يتصرف وفق برنامج لكنه – في الحقيقة - يدرس بسبب ضغط العلامة والامتحان. وشخص كهذا سيكون عديم الشخصية.. سيكون إنسانا سيئاً.. إنساناً لا دين له! فلا تدرس من أجل الامتحان!
  • في الحوزة قديماً لم يكن الامتحان متعارفاً. إنه لعُرف خاطئ أن يُخضع طالب الحوزة لامتحان. ولقد ثبت في علم النفس أن هذا الأسلوب في التربية والتعليم يميت مواهب الإنسان، وهو - من الناحية الدينية - خلاف التقوى تماماً.. التقييم بالعلامات أسلوب خاطئ بالمرة، فلماذا يُنتهَج هذا الأسلوب في الحوزات العلمية؟! من أين تعلمنا هذه الطريقة؟! هل كان أسلافنا يتّبعونها في الحوزة؟!
  • يروى عن أميرالمؤمنين(ع) قوله: «أُوصِيكُمَا... بِتَقْوَى اللهِ وَنَظْمِ أَمْرِكُم» (نهج البلاغة/ الرسالة47)؛ أي لتكونوا منظَّمين من منطلق التقوى. يقول: "التقوى والنظام" وليس: الامتحان والنظام، ولا مدير المدرسة والنظام! فحتى مدير المدرسة ومعاونها لا ينبغي أن يضعوا أنفسهما محل تقوى الطالب ويضبطوا سلوكه بكل هذه الصرامة فيقوم هذا الأخير بانتهاج السلوك الحسَن لا لسبب إلا استجابة لتأثير هذا الضبط!

لا بد لروح طالب الحوزة أن تتقبّل الخضوع للمنهجة وتمنهج هي لنفسها

  • المدرسة العلمية (الحوزة) مشيَّدة على التقوى؛ على تقوى مديرِها، وتقوى مدرّسها، وتقوى طالبها! إنها ذات التقوى المشار إليها في خطاب إمامنا الراحل(ره) لطلبة العلوم الدينية: "إذا لم تشتغلوا في طلب العلم يحرُم عليكم الاستمرار في المدرسة!" فإن لم نكترث لهذه التقوى وانصبَّ همُّنا على الامتحان والعلامات لأكَبَّ طالب العلوم الدينية هو الآخر ليلة الامتحان على استظهار كراس دراسي ليخوض الامتحان ويحصد علامة جيدة! وبالمناسبة فإنه في حالة
  • كهذه سيكون حصوله على علامة كاملة أشد خطراً! ذلك أنه حصل على العلامة الكاملة وشخصيته لَمّا تترَبَّ بالشكل الصحيح! فكيف لنا غداً أن نتدارك الموقف إذا أصبح هذا الإنسان العديم التقوى عالِم دين؟! إنه لأمر في غاية الخطورة!
  • خطر منح العلامات في الحوزة العلمية أعظم بكثير من أن لا تمنحها ثم يزعم أحد الطلبة أنه "عالم!" لا سيما في الحوزات العلمية حيث من السهل بمكان اكتشاف ما إذا كان زعم أحدهم بأنه عالِم صحيح أم لا؟ كأنْ يناولوه كتاباً ويطلبوا منه تدرسيه فإن لم يستطع يُعلَم بأن ادعاءه زائف.
  • لا بد لروح طالب الحوزة أن تتقبّل الخضوع للمنهجة. ولا بد أن تُمَنهج هي لحياتها.. يجب في جميع شؤون حياتها أن لا تنصاع لهواها.. وأن لا تقع تحت تأثير الضغوط الخارجية. لذا على مديري المدرسة العلمية أن يقيموا علاقة مع طالب الحوزة ويُعِينوه على أن يمنهج هو لحياته. كما عليهم أن يعلّموه أسلوب التخطيط والمنهجة. مع الأسف الحوزة العلمية تفتقد مادة "الإدارة والتخطيط" كدرس عام.

الذي يفتش عن منهاج جيّد لحياته سيعثر حتماً على منهاج الدين

  • إذا اقتنع الإنسان بضرورة أن يكون لحياته منهاج فسيفتش - لا محالة - عن المنهاج الجيد، بل وسيجده أيضاً. لهذا ففي وسعنا أن نقول: "صاحب الخطة والمنهجية سيعثر على منهاج الدين".
  • فأنا مثلاً أود أن يكون لحياتي برنامج ولا دخل لي بالدين. لكن لماذا أريد هذا البرنامج؟ لأنه يرفع مستوى لذة الإنسان، ويزيد صموده في مواجهة المعضلات، ويهبه سعة وجودية، ويمنحه سعة الصدر، ويخفض مستوى معاناته، ولا يجعله يتألم، ويزيد من نجاحه في الحياة.

نفس الخضوع لبرنامج وعملية وضع البرامج ما هو تناسبهما مع الدين؟

  • إذا أردتُ أن أعيش وفق برنامج دون أن تكون لي صلة بالدين والله ورسوله فما الذي سيجعلني أعثر على الدين؟ نفس الخضوع لبرنامج أو عملية وضع البرامج ما هو تناسبهما مع الدين؟ تناسبهما معه هو أنك حينما تدخل حيز الحياة المُمَنهجة فستشرع – شيئاً فشيئاً – بوضع خطط طويلة الأمد، واستشراف المستقبل، والتخطيط الاستراتيجي. فميزة البرنامج هو أنه يستشرف المستقبل؛ فبعد أن ينظر إلى مصالح الغد، يجتازها إلى ما بعد الغد، ومن ثم يرمي بطَرْفه تدريجياً إلى المستقبل الأبعد، فيخطط – مثلاً – للعشر سنوات القادمة.

لماذا يصبح صاحب المنهاج متديناً بشكل تلقائي؟

  • الذي لا يستطيع التخطيط والمنهجة للعشر سنوات القادمة من عمره لا يملك أن يخطط ويمنهج ليوم القيامة أيضاً.. وهو لا يكون متديناً حسَن التديُّن! فالذي لا يتمكن من أن يمنهج لسِنِيِّ شيخوخته فمن الطبيعي أن لا يدرك أن عليه فعل شيء ليوم القيامة. أيُعقَل لمن لا برنامج له
  • للعشر سنوات القادمة من حياته أن يخطط ليوم قيامته؟! وهل الذي لا يمنهج لحياته سيخطط لما بعد موته؟!
  • الذي يُخضع نفسَه لمنهاج فإنه سيتديّن تلقائياً؛ لأن مثل هذا الإنسان الذي يترعرع على التخطيط والبرمجة لا يبرمج ليومه وغده فحسب! بل سيقول في ذات نفسه ابتداءً: "ما هي خطتي لهذا الأسبوع؟" ثم يقول: "وما هو برنامجي لهذا الشهر؟ ثم لهذا العام؟" فإن استمرَّ على هذا المنوال فسيصبح متديّناً! فما الذي يطلبه الله ورسوله منا يا ترى؟ يقولان لنا: "خططوا بأنفسكم ليوم القيامة!"
  • ماذا يصنع التخطيط؟ إنه - من الناحية التربوية - يأخذك تلقائياً باتجاه استشراف المستقبل؛ أي باتجاه التخطيط البعيد المدى. فإن أصبحتَ من مستشرفي المستقبل والمخططين على المدى البعيد فستمسي – تدريجياً – متديناً وتدنو من ذروة حقيقة الدين! وعندما يتركز تفكيرك على نقطة النهاية (القيامة) فستتحمل آلام الطريق وتتمكن من تجاهل اللذات الضحلة العابرة. فأي نمط من الناس يخاطب الله عز وجل في قرآنه الكريم عندما يتكلم كل هذا الكلام عن المستقبل والقيامة؟ إنه يخاطب أصحاب الألباب الذين يرمون بطَرْفهم إلى المستقبل ويُمَنهجون لحياتهم!

لماذا يحزن صاحب البرنامج إذا "أذنب"؟/ الذنب هو الخطأ الحاصل أثناء تنفيذ البرنامج

  • الذي يسير وفق برنامج سيحزن إذا اضطرب برنامجه. فالذي أصبح مبرمجاً لحياته فإنه سيهيّئ بالتخطيط الممهّدات لتنفيذ برنامجه. أتعلم لماذا يحزن الإنسان المبرمج لحياته حينما يذنب؟ لأن الذنب هو خطأ يحصل أثناء تنفيذ البرنامج، وإن الإنسان ليحزن كل الحزن لدى حصول مثل هذا الخطأ أثناء تنفيذ البرنامج الذي وضعه. أما الذي لا برنامج له، والذي يُمضي عمره بشكل عشوائي (دونما حساب) فمن أين له أصلاً أن يفهم معنى التوبة؟! أما الذي أصبح ذا منهاج فإنه ينظر إلى قائمة الفحص خاصته قائلاً: "لقد أفسدتُ اليوم هاتين النقطتين في برنامجي ولم أنفّذهما بشكل صحيح!"
  • إذا بدأ المبرمج لحياته في الدخول – شيئاً فشيئاً - إلى وادي الدين فسيكون مُعَدّاً للحزن العميق لأجل شيء اسمه "الذنب". وفي ميسورك الآن أن تبشّر شخصاً كهذا ببشرى سارة جداً بقولك له: "إن لك ربّاً إذا أخطأتَ في تنفيذ برنامجك وتركت فقرة أو فقرتين من قائمة فحصك دون أن تعلّمهما بعلامة، وأتيته ليلاً طارقاً بابه وصارَحتَه بهاتين الفقرتين فسيتداركهما لك...".

إذا كنتَ تحيا وفق منهاج فسيُصلح الله أخطاءك

  • إذا كنت تحيا وفق منهاج فإنك ستتحسس وتحزن كثيراً كلما ارتبك برنامجك. وهنا سيقول لك الله، على سبيل المثال: "إنك صاحب برنامج في الحياة.. أَعلَم أنك الآن مستاء جداً لاضطراب برنامجك. تعال وسأصلحه لك.. لا تعذب نفسك كل هذا العذاب! أنا سأصلح الباقي وأتدارك ما فسد..."
  • الذي يعيش وفق منهاج سيتدارك خطأه، أما المنصاع لهواه فلا يكترث لأخطائه وزلاته، ويقول في ذات نفسه: "إن أفلحتُ، أفلحتُ وإن لم أُفلح لم أفلح!" فالذي يعيش هكذا دونما أي منهجة وحساب لا يستاء من عدم نجاحاته وزلاته، ولا يعتذر منها.
  • الذي يسير وفق خطة ومنهاج لا بد أن يحزن كثيراً إذا تخلّف عن خطته ولم يستوفِها بالكامل بل سيتأرّق من فرط حزنه. لكن الله سيخاطبه قائلاً: "لا تحزن، سأساعدك.. إذهب الآن ونَم، وسأعالج المشكلة وأنت نائم! إنك معي.. إنك تعمل في أحضاني.. إنك لست وحيداً..!"

العقل المخطِّط هو العقل الذي يحدد الأولويات

  • فلنسأل الله أن يهبنا عقلاً مخطِّطاً، والعقل المخطِّط هو العقل الذي يحدد الأولويات؛ أي بإمكانه أن يحدد إن كان عليه إنجاز هذا الفعل أولاً أو ذاك؟ فالأعمال الصالحة كثيرة، والنقائص التي يتعيّن على الإنسان رفعَها كثيرة هي الأخرى، والعقل المخطط هو العقل الذي يعلم من أين يبدأ!
  • من أجل أن تكون مخطِّطاً وقادراً على تحديد الأولويات فاطلب من الله أن يهبك الحكمة، ويمنحك الفرقان وقدرة التمييز بين الخير والشر، ويعطيك البصيرة وينَمّي عقلك. فليس العقل أن تميز الجيد من الرديء، وليس العقل أن تحدد احتياجاتك، بل العقل هو أن تفهم أنه أيّ احتياجاتك له الأولوية؟ وما العمل الذي عليك إنجازه أولاً؟ العقل هو القدرة على التخطيط والتدبير. "فالتدبير" هو "صَفّ الأمور الواحد تلو الآخر"؛ أي أن يَعلَم الإنسان أيُّ الأمور له الأرجحية؟ وأيّ الأعمال الأول، وأيها الثاني؟ على أنه ما كلّ مُطّلع على أحكام الإسلام يكون "مدبّراً" بهذه البساطة.

تعليق