الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۹۸/۰۴/۲۰ چاپ
 

مقطع فلم | صعوبة التوكل!

  • انتاج:  موسسة البیان المعنوي
  • المدة: 04:17 دقیقة

النص:

حينما طُرح موضوع التوكّل ترك بعضهم العمل «وَأَقبَلوا عَلَى العِبَادَة». فأرسل إليهم النبي(ص) مغضباً فقَال: «مَا حَمَلَکُمْ عَلَی مَا صَنَعْتُمْ؟ فَقَالُوا: ..تُکُفِّلَ لَنَا بِأَرْزَاقِنَا.. فَقَالَ: ..[هذا لا يعني أن لا تعملوا] عَلَیْکُمْ بِالطَّلَب». لماذا جعل الله الأمر هكذا: اعمَلْ، لكن توكّلْ عليَّ؟ بل حتى وإن ضنَكَ عيشُك فقل لأخيك المؤمن: "أنا في ضيق، أعندك ما تقرضني إياه؟" ثم توكّل عليّ! يا إلهي، ليتك قلت: "لا تعمل، وتوكل عليّ" إذن لعرفتُ تكليفي. لكن، يا إلهي، أنْ أعمل وأتوكل معاً، فهذا صعب! فإني إن عملتُ سأظل أنظر إلى عملي. امتحان التوكل هو ضرورة أن تتعامل مع الأسباب والعِلَل؛ أخبِر هذا وذاك عن مشاكلك، اسأل الآخرين رفعَ كربِك. صحيح أنه أحياناً لا ينبغي البوح بالمعاناة لكن في أغلب المواطن لا بأس بذلك. قل، لكن لا تُتلِف أعصابك! خَبِّر، لكن لا تتعلق! اِعمَل، لكن لا تثق بعملك! أجل، إنه في هذا حُسنُ التوكّل؛ فإن كان التوكل صعباً، وهو مبعثٌ للسكينة، فهاهنا تكمن صعوبته. قم بعملك، وتحرّى الدقة.. ثم توكل.. هاهنا الإنجاز. جاء رجل إلى رسول الله(ص) فقَال: «يَا رَسُولَ اللهِ، أُرْسِلُ نَاقَتِي وَأَتَوَكَّلُ‏ أَوْ أَعْقِلُهَا [أربط ساقها] وَأَتَوَكَّلُ» كي لا تفر وتضيع؟ «قَالَ(ص): اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ» اربطها ثم توكل. ـ ألا أعمل لكسب الثروة؟ ـ بلى، يجب أن تعمل. ـ ألا أقصد الطبيب للعلاج إذا مرضتُ؟ ـ بلى، من الواجب عليك فعل ذلك. ـ إذن أين التوكل؟ ـ أن لا يتعلق قلبك... أن لا يتعلق قلبك.. ـ لكن لا بد للقلب أن يتعلق! ـ وهنا تكمن الصعوبة.. فالله يضع الأسباب والعلل في أيدينا، ثم يقول: توكّل علَيّ! اربط ساق بعيرك ثم التوكل. ما معنى اربط ساق بعيرك؟ يعني استَعِن بالأسباب. ـ أستعين بالأسباب أم أتوكّل؟ ـ هاهنا الإنجاز؛ استعِن بالأسباب والعلل، وتوكّل أيضاً، هنا تكمن الصعوبة! يقول الله تعالى: «مَا اعْتَصَمَ بِي عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي دُونَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِي، عَرَفْتُ ذَلِكَ مِنْ نِيَّتِهِ..»، أي لا بد أن يُشاهَد التوكّل في أعماق نيتك، أن تقطع أملك من الأغيار تماماً، «إِلا جَعَلْتُ لَهُ الْمَخْرَجَ..». ثم يأتي بالعكس في تتمة الحديث: «وَمَا اعْتَصَمَ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِي.. إِلا قَطَعْتُ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مِنْ يَدَيْهِ». سر التوكل هو في أن تستعين بالأسباب والعلل ثم لا تتعلق بها. إذن لا نبتعدَنَّ عن الأسباب والعلل... بل لنتواصل معها بتدبير وذكاء، لكن – من الناحية الأخرى – لنتوقّع النتيجة من موضع آخر. هاهنا الإنجاز؛ استعِن بالأسباب والعلل، وتوكّل أيضاً.

 

تعليق