الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۹۷/۰۶/۲۲ چاپ
 

جامعة الإمام الصادق (ع) ـ نمط الحياة أوقع تأثيرا من العلم والإيمان(1)

إن نسبة العمل إلى الإيمان ليس من قبيل نسبة الفاكهة إلى الشجرة بل إنما هو من قبيل نسبة الأوراق إليها. انظر ما الذي اعتدت عليه؟ فإنك ستعشقه!/ من أين يجب أن نبدأ؟ من العلم أم من العمل؟

  • المكان: جامعة الإمام الصادق (ع)
  • الزمان: 29 ذي الحجّة 1440
  • A4|A5 :pdf

 

ربما نبالغ في الاهتمام بالعلم والإيمان، ولكن القرآن قد أكّد على العمل أكثر!/ لقد اشترطنا على أنفسنا أن لا نعمل صالحا إلا بعد ما بلغنا ذروة الإيمان والعشق؛ ولكنها رؤية خاطئة./ إن عدم الاكتراث بقيمة العمل بالقياس إلى العلم والإيمان يشكّل ثغرةً كبيرة في ثقافتنا الدينية./ لا يجوز أن نتّهم كلّ ذي نقص في عمله بنقص في إيمانه./ حسبنا ذرّة من العلم والإيمان، فبعد ذلك يجب أن نُقبل على العمل ونصلح السلوك./ القرآن هدىً للمتقين؛ وهم أهل مراقبة أعمالهم/ نحن ندع الصهاينة يخططون نمط سلوك أطفالنا ولعبهم، ولكن ما إن يحين دور السلوك الديني، نقول: «يجب أن نعلّم الأطفال أولا!»

إليكم أهم المقاطع من المجلس الأول من سلسلة محاضرات عليرضا بناهيان في جامعة الإمام الصادق(ع) تحت عنوان «نمط الحياة، أوقع تأثيرا من العلم والإيمان»:

  • إن عدم الاكتراث بقيمة العمل بالقياس إلى العلم والإيمان والحب وفكر الإنسان يشكّل ثغرة ثقافية كبيرة ولا سيما في ثقافتنا الدينية.
    نحن نزعم أن العمل ثمرة العلم والإيمان ونتيجتهما، فلابد أن نزيد من علمنا وإيماننا باستمرار لكي نجني هذه الثمرة. غير أنه ليس من الصواب أن نؤكد بلا انقطاع على زيادة الإيمان و الرغائب المعنوية بصفتها طريقا إلى العمل. نحن في هذا البحث بصدد الوقوف أمام هذا الخطأ الشايع والراسخ بين الناس.
  • العمل بالطبع هو نتيجة الإيمان والعلم والرغبة؛ ولكن ليس ذلك مسوِّغا لاتهام كل ذي نقص في العمل بنقص في إيمانه، ومن ثَمّ نخطط لشحنه بالمعلومات بغية زيادة إيمانه ورغباته الجيّدة.
  • ربما نبالغ في الاهتمام بالعلم؛ يعني نزعم أن مشاكل الإنسان تعالَج بتعليمه، أو نزعم أن العلم أكثر تأثيرا من العمل، أو أن التعليم هو أول ما يجب أن نبادر به دائما! ولكن ليس التعليم هو الخطوة الضرورية الأولى دائما، إذ ربما يقتضي استيعاب بعض المعلومات قابليةً، كما قد يقتضي الانتفاعُ بالمعلومات قابليةً أيضا، وإنما تحصل هذه القابلية بالعمل.
  • الاهتمام المُفرِط بالإيمان والحبّ يعني أن نعمد إلى تعزيز إيماننا ورغباتنا من دون إصلاح سلوكنا ونوصّي غيرنا دائما بتصعيد الإيمان! هذا وأن الله قد أكد في القرآن على العمل أكثر ممّا أكد على زيادة الإيمان. كما أن القرآن لم يُكثر في استخدام كلمة "واعلموا" ولكن ما أكثر ما أمر بعملٍ ما
  • لقد جاء في القرآن كرارا «اتقوا الله» والمتقي هو من راقب عمله. ثم ذكر مصاديق ومفردات من الأعمال وقال افعلوا كذا... اعملوا كذا...
    إن اعتبرنا العملَ ثمرةَ الإيمان، عند ذلك لا نعمل إلا بعد ما غَمَرنا نشاطٌ واندفاع شديدان! فإن قيل: لماذا لا تصلي في أول وقتها؟ قلنا: "لستُ متحفّزا لذلك" فكأننا مترقبون أن نصبح كأحد العارفين الواصلين ونبلغ ذروة الإيمان والعشق، لنعمل بعد ذلك صالحا. هذه هي رؤيتنا العامة عن العمل ولكنّها خاطئة.
  • إن نسبة العمل إلى الإيمان ليست من قبيل نسبة الفاكهة إلى الشجرة بل إنما هي من قبيل نسبة الأوراق والأغصان إليها. كما أن أوراق الشجرة تتلقّى الأكسيجين والنور ثمّ تقوم بتقوية جذور الشجرة غبر عمليّة التركيب الضوئي، كذلك العمل يؤول إلى تعزيز الإيمان. فبمجرّد أن أدّي نَزْرٌ يسيرٌ من الإيمان إلى العمل، تبدأ حركة الإنسان ثمّ يُصبح هذا العمل نفسُه سببا لتعزيز الإيمان.
  • كم نحن بحاجة إلى المعلومات؟ لا نحتاج إلا قليلا! وكم نحن بحاجة إلى العمل؟ كثيرا! إذ أن العمل والسلوك أوقع تأثيرا في الإنسان من العلم. لأنه قد لا يرقى العلم إلى درجة التأثير، ولكنّ العمل مؤثّر قطعا. كثيرٌ من الناس يعلم ولكنّه لا يفعل وعلمه خالٍ من التأثير، فلا يؤمن ولا يعشق. وما أكثر العلم الخالي من التأثير ولكن لا عملَ دون تأثير. إن أثر العمل قطعيّ، إن كان مصحوبا بشرائطه.      
  • قد لا يرغّب العلمُ الإنسانَ ولكنّ العملَ يرغّبه قطعا، ومثال ذلك هو «الأنس». فعلى سبيل المثال قد تمرّ بجدار مدرستك في أيام الصبا، فتحنّ إليها وتقول: «آه... إنه جدار مدرستي» وذلك لأنك قد أنست بجدار مدرستك وعشقته! ولكنك لم تعشق الله والفضائل على الرغم من كل المعلومات التي تحظى بها عن الله والفضائل.
  • إن أردت أن تعشق شيئا، فاعشقه بالعمل والسلوك! وإن شئت أن تعشق الحسين (ع) فقل في صبيحة كلّ يوم وفي ساعة محدّدة «صلى الله عليك يا أبا عبد الله» وقل: «يا حسين! بودّي أن أعتاد عليك لكي أعشقك ولكي أكون عارفا بحقّك» فإنّ من شأن العادة أن تبلور العشق في وجود الإنسان.
    نحن نكره العادة غالبا، فيقول أحدنا: «لا أريد أن أتعوّد»! في حين أن عادات الإنسان هي التي تشكّل عصارة وجوده. فقد قال الإمام الباقر(ع): «عَوِّدُوا أَنْفُسَكُمْ الْخَيْرَ»(الخرائج/۲/۵۹۶) فعوِّد نفسك الخير لكي تصبح عاشقا وعارفا! وانظر على ماذا اعتَدت؟ فإنك ستعشقه! إن الأمر بهذه البساطة! فلا يُنجز بمطالعة الكتاب! وهل يمكن أن يحصل بالقوّة كُرهاً!
  • في «علم النفس النمو» تُدرَس الأفعال التي يجب أن يمارسَها الطفل في مختلف مراحل نموّه. وكذلك وصايا رواياتنا حول حركة نموّ الطفل هي من قبيل الفعل غالبا. يعني تؤكد على بعض الأفعال التي يجب أن تُمارَس.
  • يقول البعض: «العلم أولا، ثم الإيمان، وبعد ذلك العمل الصالح!» فيا تُرى على أي أساس من أسُس معرفة الإنسان يُقال هذا الكلام؟! فإن كان هذا الكلام صائبا فمن أي سنة يجب أن نشحن الطفل بالمعارف الدينية؟ إنه الآن لا يعرف شيئا من هذه المعارف، إذن فلابد أن ننتظر إلى بَعد الثامنة عشر حتى نعلّمه!
  • لا يزال الطفل يمارس أفعالا؛ فإما يلعب، وإما يأكل أو يتكلم أو يلبس أو... وهذه الأفعال هي أساتذته الحقيقيّون. فإن لم تكن هذه الأفعال على صواب، قضت على الطفل قبل أن يبلغ عمرا يصلح لأن نعلّمه المعارف الدينية. يمارس الأطفال كلّ هذه الأفعال والنشاطات من دون تعليم ومعرفة، ولكن ما إن يصل دور الله والدين، نتفلسف ونقول: «یجب أن يتعلموا أولا».
  • لماذا نسمح للصهاينة ببرمجة ألعاب أطفالنا، ودسّها فيهم ليتعاطوها من دون فكر وعلم؟! كما قد وكلنا إليهم أمر تخطيط باقي جوانب الحياة. فإن أفسدت هذه الأفعال ذهن الطفل وروحه، جاءنا أولياؤهم بعد ذلك بطفلهم وقالوا: «شيخنا تحدث معه، فإني أريد أن يصبح متديّنا!» ولكن لم يبق من قابلياته شيء لكي أعلمه المعارف الدينيّة!
  • ماذا يجب علينا الآن؟ هل نضع الطفل بين يدي الصهاينة لكي يفسد روحه وذهنه بنمط الحياة والسلوك الذي هم خطّطوه؟! وهل سوف يحظى بالقابلية الفكرية والروحية اللازمة لكي نحدّثه يومئذ عن الإيمان والمعارف الدينية؟!
  • لماذا أمرونا بإجبار الطفل على الصلاة في السابعة من عمره، وأن نعلّمه أحكام الدين حين ما يبلغ الأربع عشرة سنة؟ [الكافي/ج6/ص47] ذلك لأن العمل يشكّل شخصية الإنسان فلا يجوز الفعل غير الصحيح. إن عزمت على أن تحدّث أحداً ما عن المعارف الدينية، فمن المهم أن تعرف خلفيته السلوكية؟! أفهل ملأ خلفيتَه الفسقُ والمجون؟! وماذا يمارس من سلوك طوال يومه؟! وأيّ نمط من الأفعال قد عاشر؟!
  • لقد وُصّينا بإعطاء الصدقة لولدنا إن أردنا أن نتصدّق ليباشر هو بنفسه. فدعه يدفع الصدقة بنفسه. ولكننا نقول: «كلا! إذ لا يفهم هذا الطفل معنى التصدّق، فلأشرح له أولا...» ما إن يأتي دور العمل الصالح، نصبح فلاسفة ونتفلسف!
  • يقول القرآن: «ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فيهِ هُدىً لِلْمُتَّقين» (البقرة/2) والمتقون هم أهل مراقبة أعمالهم. يعني هذا الكتاب يهدي أولي الأعمال الصالحة، وإنما يؤمن هؤلاء. 
  • من أين يجب أن ينطلق الإنسان؟ حسبه ذرّة من العلم والإيمان والحب. فإن حصل ذلك عليه أن يُقبل على العمل ويُصلح سلوكه. مرارا وتكرارا ما سُئِل الشيخ بهجت (ره) أن ماذا نفعل لنصبح من العرفاء؟ فكان يجيب بمقتضى الروايات: اعمل بما تعلم فسوف يتكفل الأبواب والجدران بتعليمك!
  • قال أمير المؤمنين (ع): «مَنْ يَعْمَلْ يَزْدَدْ قُوَّةً» (غررالحکم/7990)! أي يزدد بالعمل إيمانُه وحبُّه وفهمه وباقي قواه الروحيّة قوّةً. وكذلك قال (ع): «مَنْ يُقَصِّرْ فِي الْعَمَلِ يَزْدَدْ فَتْرَةً» (غررالحکم/7991)
  • قال أمير المؤمنين (ع): «مَنْ عَمِلَ اشْتَاقَ» (غررالحکم/7729) فإن شئت أن يغمرك العشق والشوق، فنظّم سلوكك. أحد أفعالنا المهمّة هو إقامة العزاء واللطم على الإمام الحسين (ع). فبمجرّد أن تخطو خطوة في سبيل الحسين (ع) نحو أن تخطو إلى مأتم الإمام الحسين (ع) أو تمشي في زيارة الأربعين على قدميك إلى كربلاء، يتحوّل حالك ويزداد إيمانك ويُصبح قلبُك عاشقا. فقدِّم للحسين (ع) ما تقدر عليه وافعل له ما تستطيع مهما كان؛ فعلى سبيل المثال انصب راية سوداء على واجهة بيتك...

تعليق