الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۰۰/۱۱/۰۹ چاپ
 

مقطع فلم |  الآثار الروحية والمعنوية لزيارة أبي عبد الله الحسين عليه السلام

  • انتاج:  موسسة البیان المعنوي
  • المدة: 20:07 دقیقة

النص:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

آثار زيارة أبي عبد الله الحسين عليه السلام كثيرة جدا وإن الروايات الكثيرة التي تَعِدُ زائر الحسين عليه السلام بغفران ذنوبه لدليل واضح على الآثار الكبيرة لزيارته عليه السلام على الزائر.فإن بإمكان زيارة الإمام الحسين عليه السلام أن تَشفِي الإنسان من مـختلف الأمراض والأزمات الروحية. إذن فإن بإمكان كل زائرٍ أن يـحصل من الزيارة على الآثار التي تناسب حاجته الروحية.إن النورانية والروحانية الـمستحصلة من زيارة أبي عبد الله الحسين عليه السلام والتي يَشعرُ بها عادةً جـميع الزائرين هي نتيجة تَطَهُّر الزائر من المعاصي. و‌هذه النورانية تَغمر صاحبها بكمية هائلة من النشاط والسكينة والقوة. و‌هو ما يَـجعل الشخص اليقظ القلب غير قادر على العيش من دونـها. فتَـراه يَشعُر في داخله - بين الحين والآخر - بحاجة مُلِحَّة إلى الزيارة. فلا يَـهدأ له بال  حتى تَطأ أقدامه أرض الـمرقد الشريف.وإذا أحببنا تناوُلَ أهم هذه الآثار فباِستطاعتنا القلیلهة الإشارة إلى أربعة منها:

1) الأثر الأول هو إزالة التـكـبـر

لقد صُنِّف التكبرُ في كلام أمير المؤمنين عليه السلام بأنه « أعظَمُ الذُّنوبِ » و« رأسُ الطُّغيان » و« أقبَحُ الخُلق ». و‌إن إزالة التكبر هو على جانب كبير من الأهمية حتى إن الروايات جَعَلَت الهدف الـمهم لصلاة الفريضة اليومية تنزيه الإنسان من الكبر. كما جاء في الخطبة المعروفة لسيدتنا فاطمة الزهراء سلام الله عليها والمشهورة بالخطبة الفدكية: « فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ تَنْزِيهاً مِنَ الْكِبْر.»من هُنا فإن علينا أن نَدأَب على إزالة الكبر من نفوسنا. لأنه يَنمو فيها باستمرار كالأعشاب الضارة. و‌لإن الإمام الحسين عليه السلام قد استُشهِد مظلوماً فإن لزيارته تأثيرا مـميـَّزا في مـحو التكبر من نفوسنا.و لأن الشهيد يَهوي على الأرض فإنه يَنفُض على النفوس الإنسانية المستعدة ترابَ التواضع. وسيد الشهداء(ع) هو أعلى مصداق لقولهم: « كُونُوا دُعَاةَ النَّاسِ بِغَيْرِ أَلْسِنَتِكُم‏ »القرءان الكريم قد عَدَّ الكبر سبب تكذيب الأنبياء غالبا. كقوله تعالى: (أَ فَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوَى‏ أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَريقاً كَذَّبْتُمْ و‌فَريقاً تَقْتُلُونَ(بقره/87)) وقوله: (ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى‏ و‌هارُونَ إِلى‏ فِرْعَوْنَ و‌مَلاَئِهِ بِآياتِنا فَاسْتَكْبَرُوا و‌كانُوا قَوْماً مُجْرِمينَ(یونس/75) ‏) وقوله تعالى عن لسان النبي نوح(ع): (وَ إِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ في‏ آذانِهِمْ و‌اسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ و‌أَصَرُّوا و‌اسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً(نوح/7)) إنها لقاعدة وسيرة متكررة على مر التاريخ.لقد قال الله سبحانه لموسى(ع): (اذهب إلى‏ فرعون إنه طغى(طه/24)‏). یعنی عسى أن تخرق حجاب طغيانه. الذي جعله يقول: (أَنَا رَبُّكُم الأَعْلَى(نازعات/24)). وقد كان طغيانه ناجماً عن كبره.وها هو الإمام الحسين(ع) يُزيلُ الكبرَ الخفيَ من القلوب ويُمهِّد الإنسان لتقبل الحق ويجعله متواضعا لأولياء الله بل حتى يَقضِي على صنوف الحسد. فالإمامُ الحسينِ(ع) هو مصدر تواضع الإنسان للحق والعبادة تَحيَى في هذا الحرم ومن ثَم تَنتشر في باقي أرجاء العالم.

2) الأثر الآخر للزيارة هو أن الزائر يُصبح رؤوفا

من الطبيعي أنه عندما يَتَراجع التكبر في نفس الإنسان يـَحلّ التواضع والـحب مـحلّه الحب الذي يصل حد التضامن الـمجتمعي والإيثار. النموذج الواضح لـهذا الأثر هو  رأفة الزائرين ببعضهم البعض ولا سيما في أيام الزيارة الأربعينية وإن الأثر الاجتماعي لهذه الرأفة هو ارتفاع صوت السلم ونبْذ الخلافات والنزاعات جانبا. وهذا ما ورد في زيارة الجامعة الكبيرة: « بِمُوالاتِكُمْ تَمَّتِ الْكَلِمَةُ وَعَظُمَتِ النِّعْمَةُ وَائْتَلَفَتِ الْفُرْقَةُ.» لابد للائتلافات الحقيقية أن يصحبها الحب والإيثار. وإلا سيكون مؤقتا و‌مُمِلًّا. إن الرأفة التي تَبَلورت بين زائري أبي عبد الله الحسين(ع) مُمتعة جدا و‌دائمة و‌لا تكون مُملة أبدا بل هي في تصاعد يوما بعد يوم. وهذه من معاجز أبي عبد الله الحسين عليه السلام.أساسا زيارة الإمام الحسين(ع) هي في الواقع زيارة مصدر الحب والرأفة. و‌في هذا الحرم الشريف و‌أينما ذُكِرَ الحسين(ع) حيث يكون شعبة من شعب هذا الحرم الشريف تجد الآباء صاروا أرحم بأسرتهم والأمهات أرحم بأزواجهن وأولادهن والإخوة والأخوات بعضهم أرحم ببعض والأعمام والاخوال كذلك. وذلك لأن الإمام الحسين(ع) قد شَيَّد أركان ثورته العظمى بأفراد أسرته. و‌لأن معظم مصائب الإمام الحسين(ع) تَدور حول محور الحب بين هؤلاء الأرحام.فكيان الأسرة يَقوَى بذكر مصائب الإمام الحسين(ع) وزيارته؛ الأمر الذي آل إلى الانقراض في الحضارة الغربية ـ

3)  الأثر الثالث للزيارة هو الشعور بالعزة والفخر؛

ذلك أن الإمام الحسين عليه السلام صاحب ملحمة ولقد جاد بنفسه في سبيل الله بشجاعة وإنه عليه السلام يَمنَح عزَته هذه لزائره. فزائر الحسين عليه السلام لا يمكن أن يُستَعبد. وهذا تـحديداً هو ما جَعل الطواغيت على مر التاريخ يـحاربون زيارة الإمام الحسين عليه السلام بكل ما أوتوا من قوة.حينما تنظر إلى مسيرات العزاء وإلى القصائد واللطميات تَجد أغلبها أشبه بالرتل العسكري الذي جاء لنصرة الإمام منها إلى مراسم العزاء. فكأنهم في ضمن إقامة عزائهم ينشدون رجزا. وهؤلاء المعزون هم الذين سينصرون الإمام المهدي المنتظر(عجل الله تعالی فرجه) في آخر المطاف ويأخذون بثأر الحسين(ع) تحت شعار يا لثارات الحسين.إن مقيمي عزاء الحسين ليسوا بجماعة حزينة كئيبة. ليس شأنهم سوی الحسرة والأسى وإنما هم أقوياء تَجَسَد في وجوههم شعار الحسين الذي هتف به في كربلاء قائلا: هَيهاتَ مِنَّا الذِّلَّة.

4)  الأثر الرابع لزيارة الإمام الحسين عليه السلام

بالأخص وسط الـجموع الغفيرة هو الشُعور بالـهوية الإسلامية والشيعية الأمر الذي يُؤدي إلى قوة الأمة الإسلامية وصلابتها.وإن الشعور بالـهوية هو من الاحتياجات الـمهمة والأساسية للمجتمع ولا سيما الطبقة الشابة منه وبخلافه سيستشعر الشباب الضعف وسيستسلم للثقافات الغازية.حينما يجد الشاب نفسه بين جماهير زوار الحسين و‌يرى نفسه أحد أفراد هذا الجمع المتلاحم ذي الشوكة و‌العزة فذلك يُرسِّخ فيه هويته الدينية الاجتماعية و‌سيَعُدُّ نفسَه بكل فخر واحدا من هذه الأمة الإسلامية القوية. و‌إن هذا الانتماء إلى الأمة الإسلامية  هو الذي يَصونه من صدمات الشعور بالحقارة و‌فقدان الهوية.إننا نعيش في عالَم تسعى الحضارة الغربية فيه أن تحتكر لأنفسها كل مشاعر الفخر و‌الاعتزاز. و‌تَوَدُّ أن تُغلِق ابواب كل صنوف الفخر و‌الاعتزاز بالهوية على من ينتمي إلى أمم أخرى. أما الإمام الحسين(ع) فلا يسمح بأن نُضَيِّع هويتنا بل يجعلنا نَفخَر بهويتنا انتمائنا إلى قومه و‌جماعته.أنتم تشاهدون أن في حرم الإمام الحسين(ع) و‌لا سيما في موسم الأربعين تَنخرط جميع القوميات تحت هوية واحدة باسم موالي الحسين(ع) أو زوار الحسين(ع). والكل يَعتز بهذه الهوية. ثم يَتسابق أبناء شتى القوميات والجنسيات في أن يدعوا خلافاتهم القومية جانبا و‌يجتمعوا تحت رایة الحسين(ع) الواحدة. فلا يمكنكم أن تجدوا مثيلا لهذه الظاهرة في أي بقعة من بقاع العالم. و‌كان الإمام الخميني(رحمه الله) يقول: لیس عامل کالإمام الحسين(ع) قادرا على تعزيز الوحدة و‌تقوية الشعوب.كل ما هنالك أنه يَنبغي لنا تعزيز هذه الآثار في أنفسنا من خلال الـمعرفة والتعلم. فكما أن الصلاة إذا صُلِّيَت من دون حضور القلب وأن القرآن الكريم إذا تُلِي من دون التفات إلى معانيه العميقة سيكون ضعيف الأثر أو عديمه فإن من الـممكن أن لا تَتـرُك الزيارة إلا آثارا ضعيفة بسبب ضعف حضور القلب فيها.لكن لِنعلم أن لِزيارة الإمام الحسين عليه السلام الآثار الأعظم مقارنةً بسائر العبادات؛ ذلك أن التعبير عن مشاعر الحب لسيد الشهداء عليه السلام يكون عادةً عن صدق و‌إخلاص. و‌إن العمل الصادر عن إخلاص يكون أعظم أثرا. و إنه لدم الإمام الحسين عليه السلام و‌شهادته بمثل تلك الظلامة هما اللذان يـُحرّكان في النفوس هذه العواطف ويَجعلان العمل بهذا الإخلاص.حينما يَسمع الناس لصوت ناعي الحسين(ع) تَرونهم يَنسون أنفسهم بل حتى يَغضّون الطرف عن أجر البكاء على الحسين(ع) فلا يُخشِع قلبَ الإنسان و‌لا يدير دموعه سوى حب الحسين(ع).و انتم حينما تَهتِفون بشعار "أَبَد و‌الله ما نَنْسَى حُسَيْنا" فإنكم في لحظة هتافكم تَنسون أنفسكم وشؤونكم وقضاياكم كلها و‌لا يَبقَى في بالِكم سوى الحسين(ع) و‌هذا هو الاخلاص.و هذا يُمَثِّلُ أعلى درجات الإخلاص مع أنه يَحصُل بسهولة و‌في ميسور أي إنسان أن يَطوِي مسير مئة عام في ليلة واحدة لِينالَ هذه الدرجة الرفيعة من الإخلاص. و‌إن الإخلاص أمر عسير و‌لا يمكن للإنسان أن يُنجز بسهولة عملا خالصا.إذن فلابد لنا من ترويج زيارة الحسين(ع) كما فعل أئمتنا المعصومون؛ إذ وعدوا الزوار بأجر كبير و‌ثواب عظيم. كما يجب تعبيد طرق الزيارة لجميع الزوار. وإن رأفة الشعب العراقي بزوار الحسين(ع) هو أعظم فعل لجذب القلوب إلى زيارة أبي عبد الله الحسين(ع) ولا يُمكِن أن نَرى عظمة أجر كرم الشعب العراقي ورأفته بالزوار إلا في يوم القيامة.لابد أن يَعرِف الجميع من اهل العالم أن هنا مثوى أكثر شخصية محبوبة في تاريخ حياة البشر. بعد ذلك سيتساءلُ الجميع لماذا يَملك الإمام الحسين(ع) هذا التأثير الشديد على محبيه وأتباعه؟ وهذه النقطة هي منطلق معرفة الحق.أيّ امرء وإن لم يكن مسلما فبإمكانه أن يزور الحسين(ع) ويشاهد هذا التأثير على القلوب. يجب علينا أن نَشُقَّ طريق أهل العالم إلى كربلاء ليكون ذلك مقدمة لإدراك حقيقة الحسين(ع) وظهور الحق على الباطل في جميع أرجاء العالم.نعم قد يُقال: على الرّغم من هذه الزيارات ومجالس العزاء وأثرها العظيم لا تزال أوساطنا بما فيها الزوار  تُعاني من مشاكل. وهناك آفات قد أضرّت بالزيارة و‌مراسم العزاء. نعم؛ قد لا تَترك الزيارة أثرها على البعض أو كان أثرها طفيفا أو تَوَرَّط البعض لأسباب شتى بآفات. و‌لكن المهم أولا هو أن في الزيارة قابلية عظيمة في التأثير ومتى ما أراد الإنسان بوسعه أن يَحظَى بتأثيرها. و‌زيارة الحسين(ع) بحد ذاتها خالية من أي آفة أو آثار سلبية.نحن نعلم فی الروایة "رُبَّ تالِ القُرآن والقُرآنُ یَلعَنُهُ" و‌لا توجد هذه الآثار فی هذه العبادة.ثانيا: تَشهد حركة المجتمع على مَدَى التاريخ بأن هذه الآثار تُظهِر نفسها شيئا فشيئا فالحقيقة الحسينية هي التي ستكون لها الكَلِمَةُ العُلْيَا.

و السلام علیکم و‌رحمة الله و‌برکاته.

تعليق