الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۹۵/۱۲/۰۳ چاپ
 

مقطع فلم|هل نحن قادرون؟!

 

  • انتاج: موسسة البیان المعنوي
  • المدة : 06:07 دقیقة

النص:

الامتحانات الإلهية تنسجم مع قابليات وقدرات وخصوصيات كل فرد منا، بل إن أوامر الله سبحانه وتعالى مركّبة من أمر وامتحان معاً، بل ليس لدينا ـ أساساً ـ أمر بلا امتحان، فعندما يوجَّه الأمر إلينا بالصلاة ويحدَّد لها وقت معيّن فإن ذلك يحصل في ظرف زماني ومكاني خاص وفي حالةِ ابتلاءٍ وامتحان خاصة بالنسبة لنا. وعندما يُرفع الأذان للصلاة فإنه يمثّل لكل امرئٍ أمراً وامتحاناً معاً بأنه هل سينتشل في تلك اللحظة نفسَه من الوضع الذي هو فيه ويتوجّه إلى الصلاة؟

بشكل عام مهما طرق آذانكم من أوامر الله ونواهيه فاعلموا أنها تقترن أيضاً بما يُدعى «امتحاناً»، فلسنا في صدد الإتيان بفعل في فراغ. فإذا قال الله تعالى: «لايُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها» (البقرة/286) فهو يعني بطبيعة الحال: إنه لا يختبر أحداً إلا بمقدار وسعِه وقابليته. لكن هل نملك نحن القدرة على خوض هذه الامتحانات الإلهية؟ وهل في ميسورنا التعاطي مع هذه الأوامر الإلهية؟

إنّ حُكمَنا على قابليّاتنا الذاتية غير دقيق عادةً، فإما أننا لا ندرك هذه القابليات أو أننا نقع تحت سطوة إغواءات إبليس الرجيم الملعون فنتصور أن قدراتنا دون ما هي عليه بالفعل مضافاً إلى أن دأبَ الابتلاءات الإلهية أنها تأتي أعلى قليلاً من مستوى قابلياتنا الفعلية وهذا طبيعي ولابد أن تكون كذلك.

فالتمارين الرياضية تختلف عن تقلّب المرء في فراشه، فالإنسان يتقلب حين نومه إذ يستشعر جسدُه التعب بين حين وآخر فينقلب لا شعورياً. ومن الواضح أن التمرين الرياضي يختلف شيئاً ما عن التقلب في الفراش، فهو يجعل المرء يلهث على أية حال. وكذا الامتحان فهو أعلى قليلاً من مستوى قابلياتنا الفعلية لأنّه يستهدف إخراج قابلياتنا الكامنة إلى حيّز الفعلية.

لكن لا يحق لأحد أن يقول جهلاً: هذا الاختبار لا يناسب طاقتي وقابليتي! فمن أين عرفتَ يا هذا مدى قابليتك؟! من هنا فإنْ لاحظْنا ابتداءً أن قابليتنا أدنى من الامتحان فلا نخطأنّ فالذي نفتقده هو القابلية الفعلية أما القابلية الكامنة فنحن نملكها وإنّ هدف الامتحان هو تفجيرها.

وكما أن الأفراد يحاولون أحياناً التنصّل من مسؤولية الامتحانات الإلهية بل لا يودّون التصديق بأن الامتحان امتحانهم وهو لتكاملهم أو إصلاحهم فإن المجتمعات البشرية أو الجماعات الإيمانية تتعاطى مع الامتحان بالطريقة ذاتها ورجائي أن تتأملوا في العبارة التالية: لطالما كان الإمام الخميني(ره) ينظر إلى مجتمعنا فيقول: «نحن قادرون». وعندما كان يقول: «إننا قادرون على العيش مستقلين» ما كان أحد من الساسة ـ تقريباً ـ يصدّق ذلك.

لا يجوز أن نكون تبعاً، يجب أن نحيا مستقلين. واعلموا أنكم إن خطوتم الآن أول خطوة فستستطيعون ذلك. لا تظنُّنّ أنهم هم فقط القادرون على هذا كما دأَبَت أبواقهم حتى اليوم توسوس في صدورنا من أنه لا مناص لنا من التبعية!! إنه لا يجوز لنا أن نكون تبعاً بل علينا أن نستقل بأنفسنا، ونحن قادرون، وأنتم قادرون.. ونحن قادرون.

الإمام كان يقول: «نحن قادرون». لماذا كان يقول ذلك؟ بسبب ما كان يتمتع به من نظرة عرفانية ويحمله من بصيرة في الدين. إنه امتحاننا نحن.. إذن فنحن قادرون. أليس هو امتحاننا نحن؟!.. إذن نحن قادرون.

عندما شُنَّت الحرب ضدنا وقفت جميع دول العالم خلف صدام في الهجوم علينا، فقال الإمام: نحن قادرون. لماذا قال ذلك؟ لأنه امتحاننا نحن، فإن كان كذلك فنحن قادرون إذن.

ـ «لكن تعالوا يا جماعة نحصي أسلحتنا؟! نحن لا نستطيع!!»

أما الإمام فقال: «نحن قادرون». أليس هو امتحاننا؟! إذ قد فُرِض علينا فرضاً؟ فنحن لم نأتِ بهم ونلتمسهم أن شُنّوا علينا الحرب كي نُمتحَن! بل هم الذين ارتكبوا هذه الحماقة، إذن لقد وقعنا في هذا الاختبار، فنحن إذن أهلٌ له لأن الله يختبرنا بقدر وسعنا. نحن قادرون.. نحن قادرون، فمهما كان سبب هذه الحماقة التي ارتكبوها بمحاصرتنا اقتصادياً فقد وقع الحصار فعلاً، إذن هو امتحاننا ونحن أهلٌ لاجتيازه. نحن قادرون لأنه امتحاننا نحن، فبالاستناد إلى الامتحان نعلم أننا قادرون.

فبما أن الامتحان امتحاننا فإننا قادرون، لأن الله لا يختبر عبداً فوق طاقته. إن قتالهم لنا بالتكنولوجيا هو امتحان لنا فباستطاعتنا الوقوف بوجههم بالتكنولوجيا أيضاً.

قادرون.. لأن الله لا يمتحن أمة بما يفوق طاقتها. الله لا يكذب، بل نحن الكاذبون إن ادّعينا عدم القدرة. البعض جاء بشعار «نحن قادرون» ورحل بشعار «نحن غير قادرين»! لا أدري أي أثر لهذا الكرسي في غرس الشعور بعدم القدرة. نحن قادرون، هذه رؤية دينية وهي نابعة من معتقداتنا وتصوّرنا الكوني للحياة.

فالله لا يمتحن الإيرانيين بما يفوق طاقتهم وقابلية بلدهم. وكذا فهو تعالى لا يختبر العراقيين بما يتعدّى طاقتهم. فإذا أتى الدواعش يعيثون في أرضهم فساداً فإنهم قادرون على مواجهتهم لأن هذا الامتحان وقع لهم. ولقد قال الإمام القائد الكلامَ نفسه لحزب الله في لبنان يوماً وهو إنكم قادرون على مواجهة «إسرائيل»، مع أن أكثرهم ما كانوا ليصدقوا ذلك ويقولون: كيف ذلك يا مولانا؟! فلا يمتحن الله امرأً إلا ويطيق هذا الامتحان.. مفهوم؟ ما من فرد وما من أمة يختبرهم الله إلا ويقدرون على خوض الامتحان. 

  

تعليق