الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۹۶/۰۱/۰۶ چاپ
 

مقطع فلم | سلوككِ الحسَن لا يربي طفلك!!

  • انتاج:  موسسة البیان المعنوي
  • المدة: 05:12 دقیقة​

النص:

لا تقولوا: إننا لا نأتي أمام طفلنا بعمل قبيح وكل تصرفاتنا أمامه حَسَنة فلماذا فَسَد إذن؟ السلوك الحسن لا يربّي الطفل!! ما الذي يربّي الطفل إذن؟ محاربة الهوى، أي لابد أن يشاهد طلفكِ أنكِ تحبّينَ شيئاً ما لكنك أغضَيتِ عنه.. صبرتِ.. ومنعتِ نفسك.. وتحمّلتِ.. وابتسمتِ. وكلما شاهد ذلك منكِ أكثر تربّى على نحو أفضل.

أتدرين كيف يحكم طفلُك على صلاتك مثلاً؟ إنه يقول: أمي تحب الصلاة، تحب المجالس الحسينية.. تحب قراءة القرآن، أمي تحب الحجاب، لذا هي محجّبة، ثم يرجع إلى نفسه فيخاطبها: وما الذي تحبّينه أنتِ؟ اطلبي أنتِ أيضاً ما تحبّينه. أي إنّ طفلك يتعلم منكِ، أنت الأمّ الصالحة، كيف يفسد! يقول: أمي «تحب» الصلاة، وأنا «اُحب» أن لا أصلّي، فأنا مثل أمي.. كلانا يسعى وراء ما يحبّه! المهم هو أن يلمس الطفل صبرَ أمه تجاه ما تحبّه.

اليوم ونحن في طريقنا حصل أمامنا حادث خلّفَ قتلى وضحايا وأضراراً فتأثرتُ قليلاً.. ليس كثيراً، لم أعرف أساساً مَن كانوا.. انزعجت بعض الشيء، فقيل لي: «شيخنا، ما أصبَرَك!... ما أشد صبرك! لقد ترك الحادثُ قتلى ومصاباً بكسور فلم يبدُ عليك التأثّر أبداً!» هذا الصبر غير ذي جدوى، فلم تكن للحادث صلة بي أصلاً، فلا ولدي ولا أبي ولا أخي أصيب فيه، ما كانت لي علاقة بالضحية، بل ما كنت أعرفها كي أحزن عليها، ومن ثم أصبر، وليس لامرئ أن يستلهم من صبري هذا درساً ليصبح آدمياً، فما هو صبرٌ في مقابل ما اُحب، بل هو صبر لا قيمة له.

فلابد أن تكون لسلوككِ الحَسَن قيمة كي يؤثّر على طفلك. ولا يكتسب هذه القيمة إلا في مخالفتك لما تحبين، وهو أن يعلم ولدُك أنكِ تحبين هذا الشيء، وقد سُلِب منك، فقلتِ: لا بأس. أو أنك لا تحبين فلاناً وتستائين منه، فجُعل معك، فقلتِ: لا بأس... لا بأس! وسرعان ما يتعلّم طفلك الدرس. فقد تسخطين مثلاً على زوجك، فإن تفوّهتِ عند ذاك بما يحلو لك، أو غمزتِ عليه، أو جرحتِه، أو صرختِ علیه، أو عبستِ في وجهه« فسترين نتيجة ذلك في المدى البعيد، ستجدين طفلاً قد تربى في مدرستك يصنع هو الآخر كلّ ما يهوى، وكلما قلتِ له: يا ولد، أبهذا المنطق! لا تفعل ذلك. أجابك: «أي منطق؟! أنتِ نفسكِ كلما ضجرتِ أفصحتِ عن ضجرِك، وكلما سُرِرتِ أظهرتِ سرورَك!»

افترضي أنّك تريدين الآن تخليص ولدك من الأمور المحرمة في جوّاله، هل تقدرين؟ هل تستطيعين أن تقولي له: «حارب هواك؟ لا تدخل الشبكات الاجتماعية الضارة؟» سيقول: أنا أحب ذلك! فالولد الذي لم يرَ من أمه محاربةً للهوى لا يحارب هواه. على أن أمه، وإن لم تحارب هواها، ليست بالمرأة السيئة.. إنها صالحة. فلو أنك أظهرتِ صبرَك ومقاومتَك هواكِ لأطفالك فسينشأون ـ في المدى البعيد ـ أناساً صالحين، أما إذا لم تبيني لهم محاربتك لهواك فسوف لا ينشأون صالحين وإن كنتِ امرأة متديّنة!

على المرء أن يكون كأمّ موسى(ع) إذ قالت: «إلهي.. سمعاً وطاعة، لقد ألقيتُ ولدي (في النيل).. فاذهب به» وذهب فؤادها مع ولدها. فأعاده الله لها نبياً! فلو أنها، مثلاً، لم تثق بربها لانتهى كل شيء ولم تكن لتوهَب هذا الولد! على المرء أن يضع كل ما يحب في سلة ويلقيها في اليم ويخاطبها: إذهبي.. الله يقول: اذهبي. فإن عافَ الإنسان ما يحب، استلمَه عشرة أضعافه! أما إذا حرصنا كل الحرص على محبوباتنا ولم نتخلَّ عنها نكون قد أتلفنا أعصابنا، وأفسَدنا أطفالنا ومَن حولنا، ثم لا نلبث أن نفقدها هي الأخرى!!

إذن فإن أردتِ أن تخلقي من أطفالك أناساً صلحاء فلابد أن تتنبّئي بالمستقبل. قولي: «أنا أحارب هواي الآن ليقتدي بي طفلي في قادم الأيام» وإذا به سيصمد هو الآخر أمام ما يحبه، فالدين هو بعد النظر. فالأمر لا يحصل دفعة واحدة، وهو أن يهوى الولد ارتكاب هذا الذنب فتنهريه: دعكَ منه.. لا تقرَبه! فيقول: «ترين أنني غير قادر يا أمي! أنا لا أستطيع التخلّي عما أحب، فأنت نفسكِ أمضيتِ أمام ناظرَيّ عمراً على هذا النحو!»

لا يصلح الولد إذا رأى من والديه سلوكاً حسناً. ما الذي يربّي الطفل إذن؟ محاربة الهوى، أي لابد أن يشاهد طفلك ذلك، ولاسيما الأم فإن لها دوراً تربوياً.

تعليق