الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۹۶/۰۷/۰۸ چاپ
 

مقطع فلم  | متى ما صرتَ حيّاً تعال لنتحدّث حول الموضوع!

  • انتاج:  موسسة البیان المعنوي
  • المدة: 06:39 دقیقة

النص:

أيُّ مراتب من الحياة حصلتَ عليها؟ أيُّ طاقات تفجّرَت فيك هي غير موجودة في الناس العاديين؟ ما فرقُك عن الكفار؟ أيُّ زهرة في عالم الطبيعة تستطيع شَمَّها وهم لا يستطيعون؟ ما الجمالات التي أدركتَها؟ ما الذي تدركه ولا يدركه الآخرون؟ قل لي!

يدور الكلام في القرآن الكريم عن مفهومٍ اسمه «الحياة» ويُراد به غالباً «المستوی العالي من الحياة». حياةٌ غير هذه الحياة. فالحياة تعني أوّلاً «أنْ تكون حيّاً»، ومن ثم «أنْ تعيش». الحياة تعني أوّلاً «أنْ تكون حيّاً».

كم تملك من الحياة؟! إذا ربطوا عينيك وأخذوك إلى مسجد بُنِيَ حديثاً ثم اقتادوك إلى مسجد آخر يُصلَّى فيه منذ مائة عام فلا بد أن تدرك الفرق بينهما، وإلا فإن مشاعرك ما زالت خامدة، وحياتك لم تبدأ بعد! حياتك لم تبدأ بعد.. حياتك لم تبدأ بعد!

ما المقصود من الحياة؟ الحياة في القرآن تعني: كُن حياً بمعنى الكلمة

ـ حسنٌ، ماذا لو تمتّعنا بمستوىً أقلّ من الحياة؟

ـ القرآن يقول: أنت إذن ميت! يقول: «وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُور»، أيها النبي، أنت لا تستطيع أن تكلّم مَن يرقُد في قبر

- لكنه يمشي، و..!

ـ الله يقول: أما تری إنه في قبر؟! أما رأيت القبر مظلماً، ويتعذّر التنفُّس فيه؟ هل هذا يتنفّس؟.. هل يمشي؟.. هل مشى؟.. متى؟ إنه راقد في قبر! صلّوا على «غير الميت!» هذا، بفتوايَ! إنه يشيّع جنازة نفسه! هو يشيع جنازتَه منفرداً! ينادي «قولوا لا إله إلا الله»، ويسير! إلى أي مدى تشعر أنك حي؟ أنت لا تستطيع أن تكلّم مَن يرقُد في قبر. الله يقول: أما تری إنه في قبر؟!

تعالوا، يا رفاق، نبعث في أنفسنا إحساساً بالحاجة إلى الحياة. وأفضل مثال على ذلك هو هذا الذي تعيشونه الآن؛ وهو هذه النفحة من الحياة.. مثل حُبّ الحسين(ع)! فقسماً بالله إنك لا تحب أمك هذا الحب. ولا الأم تحب ولدها كهذا الحب. ولستَ تحبُّ أباك هكذا. بل ما من أب يحب ابنَه كما تحبّ أنت الحسينَ(ع)! يستحيل أن يبكي المرء عشرَ سنوات على أمه إذا فارقَت الحياة. إنك الآن تعيش في مرتبة أخرى من الحياة. أساساً إنك لدى بكائك على الحسين(ع) لم تعُد تحسب كم الحسين ينفعُك. إنك تعيش تجربة العشق. إنها مرتبة أخرى من الحياة. مرتبةٌ الإمامُ الحسين(ع) وهو في مصرعه هو الذي طلبها من ربّه: «إلهي، اسمح لي أن أذهب لأذيق هؤلاء رشفةً من الحياة.»

ـ ماذا يصنع الأنبياء؟ إنهم يبغون إحياءك

ـ وهل نحن موتى؟!

ـ أجل، بالتأكيد!

«يا أَيُّهَا الَّذينَ ءامَنُوا اسْتَجيبُوا لِلهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْييكُمْ». النبي(ص) يريد إحياءَك، لكي يرتفع مستوى مُتعتك، ولكي يعلو منسوب حُبّك، لكي تفرح أكثر. الدين ليس مجموعة لوائح لتنظيم القوانين، بل هو يسعى لإحيائك.

رجل من الصالحين من تلامذة العلامة القاضي(قده) وهو آية الله أياذي، والآن ذكرى سنويته، التقيتُ به عدة مرات.. أيّ رجل ربّاني كان! قال لي أحد تلامذته بعد وفاته: كنتُ أدير مدرسته الدينية، وكان الطلبة يزعجونني. فقصَدتُه مرّة وقلت له: «الطلبة لا يصغون إلَيّ. أنا أريد إدارة شؤون المدرسة وهم يظنون أنني أفتش عن مصلحتي! إعزلني لأتفرّغ لدروسي.» فقال لي: «سَآتِ مساءً ونتكلّم في الأمر.» فجاء مساءً إلى ساحة المدرسة وناداني، ثم قال لي: «لماذا الشكوى؟! في النهاية لا بد للعمل من بعض المشاحنات. فالأذواق مختلفة. تكلّموا مع بعضكم، حاولوا إقناع بعضكم البعض.» وفيما كنتُ أتمَلمَل تارةً وأُنصت إليه تارة أخرى، وفيما هو يتحدث، مَدَّ يدَه فرأيتُ شجرة نارنج تبعد مسافة مترين أو ثلاثة أمتار. وإذا بالشجرة تُقرِّبُ إليه أحدَ أغصانها أكثر فأكثر فأكثر حتى قطف منها نارنجة! وأنا أنظر إليه هكذا مبهوتاً. وتابَع: «أحياناً الإنسان يملك الإرادة لحل مشاكله. فلتُقَوِّ إرادتَك قليلاً.» وناولَني النارنجة، وذهب!

كُن حيّاً

ـ حقّاً.. أيّ مراتب من الحياة حصلتَ عليها كإنسان متدين؟

ـ حاليّاً أُنَفّذ الأوامر!

ـ طيب، أوَلَيس الأوامر غايتها أن تجعلك حيّاً! أي طاقات تفجّرَت فيك هي غير موجودة في الناس العاديين؟ ما فرقُك عن الكفار؟ أي زهرة في عالم الطبيعة تستطيع شَمَّها وهم لا يستطيعون؟ ما الجمالات التي أدركتَها؟ ما الذي تدركه ولا يدركه الآخرون؟ قل لي! قل لي، قل لي! لا بد لك الآن أن تستشعر لذّات لا يستشعرها الآخرون. «لِمَا يُحيِيكُم» الدين يمنحك الحياة. انظر، متى ما صرتَ حيّاً تعال لنتحدّث معاً حول الموضوع.

ـ يا شيخ، إلى أين أذهب لأصير حيّاً؟!

ـ مجرّد انبعاث هذا التمنّي للحياة في نفسك يعني أن علامات الحياة تُشاهَد عليك! لقد بدأت علامات الحياة تظهر على هذا الميت!!

تعليق